فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب أخرى » عِند قَدَمَي الإمام المهدي (عليه السلام)
 كتب أخرى

الكتب عِند قَدَمَي الإمام المهدي (عليه السلام)

القسم القسم: كتب أخرى الشخص المؤلف: السيد علي محمد الحسيني الصدر تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٦/٠٨/٠٨ المشاهدات المشاهدات: ١٢٠١١ التعليقات التعليقات: ٠

عِند قَدَمَي الإمام المهدي (عليه السلام)
دراسة عقائديّة في الامام المهدي (عليه السلام) من ظهوره السعيد إلى نظامه السديد

تأليف: العلامة السيد علي الحسيني الصدر

المحتوى

الإهداء
المقدمة
الفصل الأوّل: في البدء: الظهور
متى يظهر؟
القسم الاول: العلائم العامة
القسم الثاني: العلائم القريبة
القسم الثالث: العلائم المقترنة
أمّا العلائم المحتومة
١ - الصيحة السماوية
٢ - خروج السفياني
٣ - خسف البيداء
٤ - خروج اليماني
٥ - قتل النفس الزكيّة
أمّا العلائم غير المحتومة
الفصل الثاني: القيام المقدس
تَجمُّع الأصحاب
الخطبة العصماء
البيعةُ الكريمة
القوّة الالهيّة
المسيرة الاصلاحيّة
المرحلة الأولى: مكّة المكرّمة
المرحلة الثانية: المدينة المنوّرة
المرحلة الثالثة: الكوفة العاصمة
الفصل الثالث: دولة الامام المهدي (عليه السلام)
١ - نظامُ الدّولة
٢ - قضاء الدولة
٣ - ثقافةُ الدَولة
٤ - اقتصاد الدَّولة
٥ - زراعةُ الدَّولة
٦ - حضارةُ الدَّولة
٧ - تكاملُ الدَّولة
٨ - حياةُ الدَّولة

بسم الله الرحمن الرحيم

* إلى سَيّدة نساءِ العالَمين
* إلى أمِّ الأئمّةِ الهُداةِ المَعصومين
* إلى التي دارَتْ على معرفتِها قرونُ الأوّلين
* إلى الاُسوةِ الحسنةِ لبقيّةِ اللهِ الكبرى في الأرَضين
* إليكِ أيّتُها الصديقةُ الشهيدةُ أُهدي كتابَ ولدكِ المنتقم الامام القائم (عليه السلام)، راجياً من حنانكِ المأمول، التفضّل بالقبول

رقُّكِ: علي
قم المشرّفة ١٤/ع٢/١٤٢٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلواتُه على أحبّ خلقه إليه محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم وظالميهم وقاتليهم ومنكري فضائلهم إلى يوم الدين.
وبعد..
فان الامام المنتظر الحجّة بن الحسن المهدي أرواحنا فداه هو تلك الأُمنيّة الكبرى والأُنشودة العظمى التي انتظرتها الأجيال، وعقدت عليها الآمال، بعد ما وعد به الله الذي لا يُخلف الميعاد ولا يتخلّف عنه القوّة والسداد، حيث قال في كتابه الكريم وخطابه العظيم:
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(١).
وحينما يظهر الامام المهدي (عليه السلام) وعند قدميه المباركتين تنعُم الأمّة نِعَماً لم يتنّعّموا مثلها قطّ.
فيتبدّل الخوف إلى الأمن، والفقر إلى الغنى، والظلم إلى العدل، والجهل إلى العلم، والفساد إلى الصلاح، والضعف إلى القوّة، والجحيم إلى النعيم.
وتمتلأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً، بعد أن ارتمست في الظلم والجور والجهل.
ويتحقّق آنذاك عصر النور والعلم والقدرة والسعادة والسلامة والخير والبركة.
وتتشرّف الأرض بدولة الله، دولة الرسول، دولة أهل البيت، الدولة الكريمة التي لم نزل ولا نزال ندعو الله لها، ونبتهل إليه بها، ونتوجّه إليه بأنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الاسلام وأهله، وتُذلّ بها النفاق وأهله.
ولقد وعد الله تعالى بنصره وتمكينه بقوله عزّ اسمه:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الاَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(٢).
ولا عجب في ذلك والله غالبٌ على أمره، وهو الناصر لأنبيائه وأولياءه.
وتاريخ الأنبياء شاهدٌ حيٌّ على غالبيّة الله ونصره.
فكما أن جدّه الرسول قام من مكّة وحيداً غريباً، ودخلها بنصر الله تعالى فاتحاً رهيباً، ونزل فيه قوله تعالى:
(إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)(٣).
وكما أن النبيّ نوح (عليه السلام) انتصر على البشريّة الفاسدة، واجتاح بطوفانه الكرة الأرضيّة، وتغلّب على جميع القوى الكافرة، حتى صاح بأعلى صوته:
(لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهَ إِلاَّ مَن رَحِمَ)(٤).
وكما أن ابراهيم الخليل (عليه السلام) فاجأ العالم في عصره لأوّل مرة بكسر أصنام الكفر، وتلقّى النار بالبرد والسلام، وانتصاره الساحق على المشركين.
وكما أن النبي داود (عليه السلام) محى دولة الظلم، وقتل رأس الظالمين جالوت، وانتصر على جيشه العرموم بثلاثة أحجار فقط، سدّدها إليهم وشتّت جمعهم.
وكما أن النبي سليمان (عليه السلام) بسط سلطانه على جميع الكائنات، وسخّر الأنس والجنّ والموجودات، واستولى على جميع مناطق الأرض حتى جاء بعرش الملوك من أقصى الأرضين بطرفة العين، وحتى استغلّ الهواء والفضاء.
وكما أن النبي يوسف (عليه السلام) قفَز من قعر البئر إلى قمّة العرش، وصار عزيز مصر.
وكما أن موسى بن عمران (عليه السلام) طوى تاريخ الفراعنة الطويل، وأغرق جيوشهم في البحر، وأعجب العالم بتسع آيات بيّنات، وبعصاه التي صارت تلقف ما يأفكون حتى وقع السحرة له ساجدين.
وكما أن عيسى بن مريم (عليه السلام) أغرب أطباء العالم بإحياء الموتى، وابراء المزمنات بإذن الله تعالى.
وكذلك الامام المهدي عليه السلام..
بقوّة الله تعالى وقدرته وارادته يظهر على الدين كلّه، وعلى الأرض جميعه ويكوّن دولة الله في خلقه، وحكومة السماء في أرضه.
وهذا الكتاب لمحات تدرس الجانب اليسير من ظهور ذلك الأمل الكبير، وتحقّق دولته الكريمة، وحكومته العظيمة.
وجعلنا الله من أعوانه وأنصاره، وأقرّ عيوننا بغُرّته الحميدة ودولته الكريمة.

قم المشرّفة / ليلة الجمعة

ميلاد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وولده الامام الصادق (عليه السلام)
علي بن السيد محمد الحسيني الصدر

الفصل الأوّل: في البدء: الظهور

حينما يظهر الامام المهدي (عليه السلام) من غيبته الحكيمة؛
حينما تخرج الشمس الساطعة من وراء السحاب المجلّل؛
حينما يتجلّى نور الله تعالى في أرضه وسماءه؛
حينما يأتي بقيّة الله وخليفة رسول الله؛
حينما يجيء صاحب العصر وناموس الدهر؛
تكون تلك البشرى السارّة إيذاناً بنهاية دور الغيبة، وبداية الدولة الحقّة التي بشّرت بها الأنبياء، ووعدتها كتب السماء.
ويكون ذلك الظهور المُشرق إعلاناً لانتهاء الظلم والفساد، وانتشار العدل والرشاد.
ويكون قدومه المبارك إقامة لأسعد الحياة، وأزهى الحضارات، في خير الدنيا وفوز الأخرى.
فلنقتبس من أنوار معرفته، ونلقى الأضواء على ملامح من ظهوره، وقيامه، ودولته.
متى يظهر؟
اقتضت الحكمة الالهيّة البارعة أن يكون وقت ظهور الامام المهدي (عليه السلام) مخفيّاً عند الناس كخفاء ليلة القدر.
ولم يوقّته نفس أهل البيت (عليهم السلام)، بل منعوا عن التوقيت.
ولذلك ورد في حديث منذر الجواز عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«كذب الموقّتون، ما وقّتنا فيما مضى، ولا نوقّت فيما يستقبل»(٥).
ولعلّ من حِكم ومصالح خفاء وقت ظهوره (عليه السلام) ما يلي:
الأوّل: إدراك فضيلة انتظار الفرج، الذي هو من أفضل الأعمال وأهمّ الخصال.
إذ لو كان وقت ظهوره المبارك موقّتاً محدّداً معلوماً، لكان الانتظار مبدّلاً إلى اليأس في الملايين من المؤمنين الماضين والحاضرين، ممّن لم يكونوا قريبي العصر من وقت الظهور.
فلم تحصل لهم حالة الانتظار، ولم يفوزوا بفضيلته التي نصّت وحثّت عليه الأحاديث المتظافرة مثل:
١ - حديث أبي بصير عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال ذات يوم:
«ألا أُخبركم بما لا يقبل الله عزَّ وجلَّ من العباد عملاً إلاّ به؟
فقلت: بلى.
فقال: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنَّ محمّداً عبده [ورسوله]، والاقرار بما أمر الله، والولاية لنا (يعني الأئمّة خاصّة)، والبراءة من أعدائنا والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم (عليه السلام).
ثمَّ قال: من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم فلينظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر. فان مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه.
فجدّوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيّتها العصابة المرحومة»(٦).
٢ - حديث ابي الجارود، عن الامام الباقر (عليه السلام). قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يا بن رسول الله، هَل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إيّاكم؟
قال: فقال: نعم. قال:
قال: «فإني أسألك مسألة تجيبني فيها، فإنِّي مكفوف البصر، قليل المشي، ولا أستطيع زيارتكم كلَّ حين.
قال: هات حاجتك.
قلت: أخبرني بدينك الذي تدين الله عزّ وجلّ به أنت وأهل بيتك، لأدينَ الله عزَّ وجلَّ به.
قال: «إن كنت أقصرت الخطبة(٧) فقد أعظمت المسألة. والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عزّ وجلّ به.
شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والإقرار بما جاء به من عند الله، والولاية لوليّنا، والبراءة مِن عدوِّنا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد، والورع»(٨).
٣ - حديث البزنطي، عن الامام الرضا (عليه السلام) أنه قال:
«ما أحسن الصبر وانتظار الفرج. أما سمعت قول الله عزَّ وجلَّ: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)(٩)، (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(١٠)؟
فعليكم بالصبر، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم»(١١).
٤ - حديث الاربعمائة الشريف جاء فيه:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
«انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فانَّ أحبَّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ انتظار الفرج».
وقال (عليه السلام):
«مزاولة قلع الجبال أيسر. من مزاولة ملك مؤجَّل، واستعينوا بالله واصبروا.
إنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين. لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنَّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم».
وقال (عليه السلام):
«الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»(١٢).
فنلاحظ وتعرف من خلال هذه الاحاديث الشريفة أن انتظار الفرج الالهي من الأسس الدينية التي جعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل أعمال أُمته.
إذ به فاز الاسلام منذ بدءه، حينما لم يكن الا هو (صلى الله عليه وآله) وابن عمه (عليه السلام) وناصراه سيدنا أبوطالب، والسيدة خديجة.
وبه دام الاسلام ببركة جهاد وجهود اوصياءه وعترته.
وبه يظهر الاسلام على الدين كله والكون جميعه بظهور مُصلحه وصاحبه.
فانتظار الفرج الحقيقي هي العُدّة والعَدد والحفاظ، في قبال الصدمات والكوارث والمخططات، التي يريد بها الاعداء أن يطفئوا نور الله: (وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
لذلك يحق أن يكون انتظار الفرج وعدم اليأس هو الأصل الاصيل لبقاء العقيدة الاسلامية الخالصة، المتجسدة في ظهور الامام المهدي (عليه السلام) ودولته الحقّة.
الثاني: التهيّؤ لمقدمه الشريف، وإصلاح النفس لقدومه المبارك، فان هذا الانتظار يسنح الفرصة المناسبة والوازع الأكيد لاصلاح النفس، وتزكية الروح، وقابليّة الشخص، بل تحصيل درجات الفضل والكمال.
كما نلاحظ ونلمسه فيمن اتّصف بها من المؤمنين المنتظرين الذين حازوا فائق الكرامات، ونالوا رائق المكرمات، من كُبّار العلماء والصالحين.
الثالث: حكمة الامتحان واختبار الخلق.
فان ممّا تقتضيه الحكمة الالهيّة، اتماماً للحجّة وكشفاً للمحجّة، اختبار الناس ليتّضح مدى تصديقهم وتسليمهم لظهور الامام المهدي (عليه السلام) الذي لم يعرفوا وقته، ولم يعلموا زمانه.
وكيف يكون ثباتهم وصبرهم على أمر لم يطّلعوا على حين تحقّقه، فيُمتحنون بذلك، وتتم عليهم الحجّة هنالك.
قال تعالى:
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)(١٣).
وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.
وبالامتحان يتبيّن الحال وحقائق الرجال.
فالحكمة البالغة إذن تقتضي خفاء زمان ظهور الامام الحجّة (عليه السلام) وعدم توقيته، رعاية لهذه المصالح العامّة، والدواعي التامّة.
لكن في نفس الوقت جُعل للظهور علائمه التي تُعلن عن بشارة تحقّقه، وتبشر المؤمنين بأوان تبلّجه، وتفيض علينا شآبيب النور وآيات السرور.
وقد قُسّمت هذه العلائم إلى أقسام ثلاثة، لا ينبغي أن يُعدّ جميعها علائم ظهوره، لأن بعضها تحدث في زمان غيبته، بل حدث بعضها.
وبعضها الآخر يحدث قبل ظهوره..
والبعض الآخر يكون علامةً قريبة للظهور المبارك بالبيان التالي:
القسم الاول: العلائم العامة التي تحدث في زمان غيبة الامام المهدي (عليه السلام).
القسم الثاني: العلائم التي تحدث قبل ظهور الامام المهدي (عليه السلام) بسنوات غير كثيرة.
القسم الثالث: العلائم التي هي قريبة من الظهور، في سنتها أو قبلها.
والقسم الثالث هذا على نوعين: المحتومة وغير المحتومة.
ونشير الى هذه الاقسام باختصار:
القسم الاول: العلائم العامة
وهي علامات كثيرة وحوادث متكاثرة، تحدث في الغيبة الكبرى قبل الظهور، مثل خروج الدجال ونحوه، وقد جاءت في روايات عديدة مثل:
١ - حديث النزال بن سبرة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): قال خَطَبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله عزَّ وجلَّ وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله، ثمَّ قال:
سلوني أيّها النّاس قبل أن تفقدوني - ثلاثاً -.
فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، متى يخرج الدجّال؟
... فقال (عليه السلام): احفظ، فانَّ علامة ذلك، إذا أمات النّاس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلّوا الكذب، وأكلوا الرِّبا، وأخذوا الرُّشا، وشيّدوا البنيان، وباعوا الدِّين بالدُّنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتّبعوا الأهواء، واستخفّوا بالدِّماء.
 وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، وكانت الاُمراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقرَّاء فسقة، وظهرت شهادة الزُّور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنارات، واُكرمت الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهنَّ في التّجارة حرصاً على الدّنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتٌّقي الفاجر مخافة شرِّه، وصُدِّق الكاذب، وائتُمن الخائن.
واتُّخذت القيان(١٤) والمعازف، ولعن آخر هذه الاُمّة أوَّلها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرِّجال والرِّجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يُستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حقٍّ عرفه، وتُفقّه لغير الدِّين، وآثروا عمل الدُّنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذِّئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرُّ من الصبر...»(١٥).
٢ - الحديث العلوي الشريف:
«يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة - وهو شرّ الازمنة - نسوةٌ كاشفات عاريات متبرجات، من الدين [خارجات خ ل]، داخلات في الفتن، مائلات الى الشهوات، مسرعات الى اللذات، مستحلاّت للمحرمات، في جهنّم [داخلات خ ل] خالدات»(١٦).
٣ - الحديث الصادقي الشريف المفصّل، جاء فيه:
«ألا تعلم أنَّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف، هو غداً في زمرتنا.
فاذا رأيت الحقَّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق، واُحدث فيه ما ليس فيه، ووُجّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفاً كما ينكفئ الاناء.
ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقِّ، ورأيت الشرَّ ظاهراً لا ينهي عنه ويعذَّر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرِّجال بالرِّجال والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يردُّ عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يردُّ عليه قوله.
ورأيت الغلام يعطي ما تعطى المرأة، ورأيت النساء يتزوَّجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهي ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوَّذ بالله ممّا يرى المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع.
ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزَّ وجلَّ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يحبُّ الله قويّاً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يحقَّرون ويحتقر من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشرّ مسلوكاً، ورأيت بيت الله قد عُطّل ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله.
ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال.
ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن وكان الربا ظاهراً لا يعيّر، وكان الزنا تمتدح به النساء.
ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهنّ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدُّون بشاهد الزُّور، ورأيت الحرام يحلّل، ورأيت الحلال يحرَّم، ورأيت الدين بالرأي، وعُطّل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستخفي به من الجرأة على الله.
ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلاّ بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزَّ وجلَّ.
ورأيت الولاة يقرِّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد.
ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفي بهنَّ، ورأيت الرجل يقتل على [التهمة وعلى] الظنّة، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها.
ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته، ويرضى بالدنىّ من الطعام والشراب، ورأيت الايمان بالله عزَّ وجلَّ كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب تباع ظاهراً ليس عليه مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهنَّ لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرُّ بها لا يمنعها أحد أحداً ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سُلطانه.
ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوَّر ولا يقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه.
ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه، وخفَّ على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عطّلت وعُمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفترى الكذب، ورأيت الشرَّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تُستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضاً.
ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يُذلّ للكافر والمؤمن، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخفُّ بها.
ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدُّنيا، ويشهّر نفسه بخبث اللسان ليتّقي وتسند إليه الأُمور، ورأيت الصلاة قد استخفَّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكّه منذ ملكه، ورأيت الميت ينشر من قبره ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر.
ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما [يقول] الناس فيه، ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاّه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم، وثقل الذّكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلى إنّما يصلّي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة.
ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذمُّ ويعيّر، وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبُّ الله، لا يمنعهم مانع، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين.
ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، يقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهزَّ [ء] به فلا يفزع له أحد.
ورأيت كلّ عام يحدث فيه من البدعة والشرّ أكثر ممّا كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلاّ الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به، ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما تسافد البهائم (أي علانية)، لا ينكر أحد منكراً تخوُّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله.
ورأيت النساء قد غلبن على الملك، وغلبن على كلّ أمر، لا يؤتى إلاّ مالهنّ فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه، ويدعو على والديه، ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم، من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر، كئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره.
ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزُّور ويتقامر بها ويشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة، ورياح أهل الحقّ لا تحرك.
ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشيةً ممّن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ، ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلّي بالناس فهو لا يعقل، ولا يشان بالسكر، وإذا سكر اُكرم واتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذَّر بسكره.
ورأيت من أكل أموال اليتامى يحدَّث بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى، ولا يعمل القائل بما يأمر.
ورأيت الصلاة قد استخفَّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وبما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد درست.
فكن على حذر، واطلب من الله عزَّ وجلَّ النجاة، واعلم أنَّ الناس في سخط الله عزَّ وجلَّ [وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم. فكن مترقّباً! واجتهد ليراك الله عزَّ وجلَّ] في خلاف ما هم عليه.
فان نزل بهم العذاب وكنت فيهم، عجّلت إلى رحمة الله، وإن أُخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله عزَّ وجلَّ.
واعلم أنَّ الله لا يضيع أجر المحسنين، وأنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين»(١٧).
القسم الثاني: العلائم القريبة
وهي علامات كثيرة أيضاً تحدث قريباً من الظهور. ذكرتها الاحاديث الشريفة التي جمعها شيخ الشيعة المفيد (قدس سره) في باب ذكر علامات قيام الامام المهدي (عليه السلام) ولخّص (قدس سره) تلك العلامات في أول الباب، وعدّ منها:
(كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَخُسُوفُ الْقَمَرِ فِي آخِرِهِ عَلَى خِلاَفِ الْعَادَاتِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَرُكُودُ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ الزَّوَالِ إِلَى أَوْسَطِ أَوْقَاتِ الْعَصْرِ، وَطُلُوعُهَا مِنَ الْمَغْرِبِ، وَقَتْلُ نَفْس زَكِيَّة بِظَهْرِ الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَذَبْحُ رَجُل هَاشِمِيّ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَهَدْمُ حَائِطِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَات سُود مِنْ قِبَلِ خُرَاسَان.
وَظُهُورُ الْمَغْرِبِيِّ بِمِصْرَ وَتَمَلُّكُهُ الشَّامَاتِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزِيرَةَ، وَنُزُولُ الرُّومِ الرَّمْلَةَ، وَطُلُوعُ نَجْم بِالْمَشْرِقِ يُضِيءُ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ ثُمَّ يَنْعَطِفُ حَتَّى يَكَادَ يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، وَحُمْرَةٌ يَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ وَيُنْشَرُ فِي آفَاقِهَا، وَنَارٌ تَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ طَوِيلاً وتَبْقَى فِي الْجَوِّ ثَلاَثَةَ أَيَّام أَوْ سَبْعَةَ أَيَّام، وَخَلْعُ الْعَرَبِ أَعِنَّتَهَا وتَمَلُّكُهَا الْبِلاَدَ وخُرُوجُهَا عَنْ سُلْطَانِ الْعَجَمِ.
وقَتْلُ أَهْلِ مِصْرَ أَمِيرَهُمْ، وَخَرَابُ الشَّامِ، وَاخْتِلاَفُ ثَلاَثِ رَايَات فِيهِ، وَدُخُولُ رَايَاتِ قَيْس وَالْعَرَبِ إِلَى مِصْرَ وَرَايَاتُ كِنْدَةَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوُرُودُ خَيْل مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ حَتَّى تُرْبَطَ بِفِنَاءِ الْحِيرَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَات سُود مِنَ الْمَشْرِقِ نَحْوَهَا.
وَبَثْقٌ فِي الْفُرَاتِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَاءُ أَزِقَّةَ الْكُوفَةِ، وَخُرُوجُ سِتِّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَخُرُوجُ اثْنَا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ آلِ أَبِي طَالِب كُلُّهُمْ يَدَّعِي الاِمَامَةَ لِنَفْسِهِ، وَإِحْرَاقُ رَجُل عَظِيمِ الْقَدْرِ مِنْ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بَيْنَ جَلُولاءَ وَخَانِقِينَ، وعَقْدُ الْجِسْرِ مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِمَدِينَةِ السَّلاَمِ، وَارْتِفَاعُ رِيح سَوْدَاءَ بِهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَزَلْزَلَةٌ حَتَّى يَنْخَسِفَ كَثِيرٌ مِنْهَا.
وَخَوْفٌ يَشْمَلُ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَبَغْدَادَ، وَمَوْتٌ ذَرِيعٌ فِيهِ، وَنَقْصٌ مِنَ الامْوَالِ والانْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَجَرَادٌ يَظْهَرُ فِي أَوَانِهِ وَفِي غَيْرِ أَوَانِهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَلاّت، وَقِلَّةُ رَيْع لِمَا يَزْرَعُهُ النَّاسُ، وَاخْتِلاَفُ صِنْفَيْنِ مِنَ الْعَجَمِ، وَسَفْكُ دِمَاء كَثِيرَة فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَخُرُوجُ الْعَبِيدِ عَنْ طَاعَاتِ سَادَاتِهِمْ وقَتْلُهُمْ مَوَالِيَهُمْ.
[وَمَسْخٌ لِقَوْم] مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ حَتَّى يَصِيرُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَغَلَبَةُ الْعَبِيدِ عَلَى بِلاَدِ السَّادَاتِ، وَنِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَسْمَعَهُ أَهْلُ الاَرْضِ كُلُّ أَهْلِ لُغَة بِلُغَتِهِمْ، وَوَجْهٌ وصَدْرٌ يَظْهَرَانِ لِلنَّاسِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ، وَأَمْوَاتٌ يُنْشَرُونَ مِنَ الْقُبُورِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا فَيَتَعَارَفُونَ فِيهَا وَيَتَزَاوَرُونَ، ثُمَّ يُخْتَمُ ذَلِكَ بِأَرْبَع وَعِشْرِينَ مَطْرَةً يَتَّصِلُ فَتَحْيَا بِهِ الارْضُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَتُعْرَفُ بَرَكَاتُهَا ويَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّ عَاهَة عَنْ مُعْتَقِدِي الْحَقِّ مِنْ شِيعَةِ الْمَهْدِيِّ (عليه السلام).
فَيَعْرِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ ظُهُورَهُ بِمَكَّةَ، فَيَتَوَجَّهُونَ نَحْوَهُ لِنُصْرَتِهِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الاخْبَار(١٨)).
وتفصيل العلامات تلاحظها في خطبة البيان المروية عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)(١٩).
القسم الثالث: العلائم المقترنة
وهي علامات خاصة قريبة جداً من الظهور المبارك؛ تحدث في نفس سنة الظهور أو السنة السابقة عليه.
وهي كما تقدم على نوعين:
علائم محتومة.
وعلائم غير محتومة.
بالبيان التالي:
أمّا العلائم المحتومة
فهي ما في حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء»(٢٠).
فلنشير إلى شيء من بيان العلائم الحتمية الخمسة للظهور المبارك:
١ - الصيحة السماوية
وهي النداء السماوي الذي ينادي به جبرئيل (عليه السلام) في ليلة الجمعة، ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك:
«يا عباد الله! اسمعوا ما أقول: إنّ هذا مهدي آل محمد خارج من أرض مكة فأجيبوه»، كما في خطبة البيان(٢١).
وهذا من أبرز الآيات وأوضح العلامات على ظهوره الشريف.
ويكون بصوت مفهوم ومسموع، يسمعه جميع أهل العالم، كلّ قوم بلسانهم؛ كما في حديث زرارة عن الامام الصادق (عليه السلام)(٢٢).
وفي حديث آخر: ينادي مناد من السماء باسم القائم، فيسمع ما بين المشرق والمغرب فلا يبقى راقد إلاّ قام، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)(٢٣).
وتكون هذه الصيحة أعظم بشرى وسرور للمؤمنين، حتى تسمعه العذراء في خدرها، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج لنصرة الامام المهدي (عليه السلام).
في حين هي أكبر تهديد وانذار للظالمين والمتكبرين، حيث يأخذهم الفزع والخوف، كما قد يستفاد من حديث الامام الباقر (عليه السلام)(٢٤).
٢ - خروج السفياني
وهو رجل سفّاك للدماء، أمويّ النسب، حقود على أهل البيت (عليهم السلام)، اسمه عثمان بن عنبسة من وُلد أبي سفيان.
وهو وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، يخرج من الوادي اليابس بالشام، كما في حديث أمير المؤمنين (عليه السلام)(٢٥).
وله محنة كبرى وبلاءٌ عظيم وقتل ذريع وهتك للحرمات، يفعلها هو وجيشه الذي يكون في الشام ويبعثه إلى العراق وإلى المدينة، كما يستفاد من خطبة البيان(٢٦).
ويكون خروجه في رجب، ورايته حمراء، كما في حديث البحار(٢٧).
أما جيشه إلى العراق فيرجع الى الشام بعد إفساد كثير، وأما جيشه إلى المدينة فيُخسف بهم في البيداء، كما يأتي في العلامة الثالثة.
ونهاية أمره هو الخسران المبين، كما تلاحظ مفصل بيانه في كتاب الامام المهدي(٢٨) وحاصله:
توجه الامام المهدي (عليه السلام) بعد الكوفة إلى الشام وقضاءه على السفياني وأصحابه وجيشه الراجع الى الشام، ويريح الله العباد من شرّه.
٣ - خسف البيداء
البيداء اسم للمفازة التي لا شيء فيها، وهي اسم أرض خاصة بين مكة والمدينة، على ميل - أي ١٨٦٠ متراً - من ذي الحليفة نحو مكة، وكأنها مأخوذة من الإبادة أي الاهلاك.
وفي الحديث نُهي عن الصلاة فيها، وعلل بأنها من الأماكن المغضوب عليها، كما في مجمع البحرين(٢٩).
ومن العلامات الحتميّة انخساف هذه الأرض بجيش السفياني وابتلاعها لهم، فان السفياني يبعث جيشه إلى المدينة - كما عرفت - فيبغي فيها الظلم والفساد.
ويخرج الامام المهدي (عليه السلام) من المدينة إلى مكة على سُنّة موسى بن عمران، فيبلغ قائد جيش السفياني ان الامام المهدي (عليه السلام) قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشه على أثره ليهدم الكعبة.
وينزل الجيش البيداء، فتبيدهم الأرض، كما يشير إليه حديث الامام الباقر (عليه السلام)(٣٠).
وينجو من هذا الخسف رجلان، أحدهما يبشر الامام المهدي بهلاك الظالمين، والآخر ينذر السفياني بهلاك جيشه، كما في حديث المفضل حيث جاء فيه:
ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِمِ (عليه السلام) رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ وقَفَاهُ إِلَى صَدْرِهِ ويَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي أَنَا بَشِيرٌ، أَمَرَنِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأُبَشِّرَكَ بِهَلاَكِ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بِالْبَيْدَاءِ.
فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ (عليه السلام) بَيِّنْ قِصَّتَكَ وقِصَّةَ أَخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كُنْتُ وَأَخِي فِي جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ وخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ...
وَخَرَجْنَا مِنْهَا، وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ أَلْفِ رَجُل نُرِيدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ وقَتْلَ أَهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ: يَا بَيْدَاءُ أَبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
فَانْفَجَرَتِ الارْضُ وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْشِ، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الاَرْضِ عِقَالُ نَاقَة فَمَا سِوَاهُ غَيْرِي وغَيْرُ أَخِي.
فَإِذَا نَحْنُ بِمَلَك قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى فَقَالَ لأخي:
وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْضِ إِلَى الْمَلْعُونِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ فَأَنْذِرْهُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد (عليه السلام) وَعَرِّفْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ.
وَقَالَ لِي: يَا بَشِيرُ الْحَقْ، بِالْمَهْدِيِّ بِمَكَّةَ وَبَشِّرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ، وَتُبْ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ.
فَيُمِرُّ الْقَائِمُ (عليه السلام) يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَوِيّاً كَمَا كَانَ، ويُبَايِعُهُ ويَكُونُ مَعَهُ»(٣١).
٤ - خروج اليماني
من العلائم المحتومة خروج اليماني الذي يدعو إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، كما صرّحت به الأحاديث مثل:
حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«ولَيْسَ فِي الرَّايَاتِ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيِّ، هِيَ رَايَةُ هُدًى، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبِكُمْ، فَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السِّلاَحِ عَلَى [النَّاسِ و] كُلِّ مُسْلِم.
وإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ فَإِنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَلْتَوِيَ عَلَيْهِ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وإِلى طَرِيق مُسْتَقِيم»(٣٢).
واستفيد من بعض الأخبار الشريفة أن خروجه من صنعاء اليمن(٣٣).
كما جاء في بعض الأحاديث انه من ذريّة زيد الشهيد (عليه السلام)(٣٤).
٥ - قتل النفس الزكيّة
وهو غلام من آل محمد (عليهم السلام)، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكيّة، يُقتل بين الركن والمقام بدون أيّ ذنب، كما يستفاد من حديث الامام الباقر (عليه السلام)(٣٥).
يرسله الامام المهدي (عليه السلام) إلى أهل مكة - قبل وصوله إليها - إتماماً للحجة واستنصاراً لمظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، كما يستفاد من حديث الامام الباقر (عليه السلام) جاء فيه:
يَقُولُ الْقَائِمُ (عليه السلام) لأصْحَابِهِ يَا قَوْمِ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لا يُرِيدُونَنِي، ولَكِنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لأحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ امْضِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ! أَنَا رَسُولُ فُلاَن إِلَيْكُمْ وهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ، وَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّد وَسُلاَلَةُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.
فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَمِ، أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْنِ والْمَقَامِ، وهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ.
فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الامَامَ قَالَ لأصْحَابِهِ: أَلا أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ يُرِيدُونَنَا. فَلاَ يَدَعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَة وثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً - عِدَّةِ أَهْلِ بَدْر - حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيُصَلِّي فِيهِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَرْبَعَ رَكَعَات، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَرِ الاسْوَدِ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ ويُثْنِي عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله) وَيُصَلِّي عَلَيْهِ ويَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاس»(٣٦).
وهذه العلائم الخمسة من علامات الظهور المحتّمات - كما تقدم - تكون في سنة الظهور ويكون بعده القيام(٣٧).
أمّا العلائم غير المحتومة
فهي علامات عديدة منها:
١ - خروج راية السيد الحسني الهاشمي.
يشير إليه حديث الامام الباقر (عليه السلام):
يخرج شاب من بني هاشم، بكفّه اليمنى خال، ويأتي من خراسان برايات سود. بين يديه شعيب بن صالح، يقاتل أصحاب السفياني فيهزموهم»(٣٨).
وكذلك حديث خطبة البيان التي ورد فيها:
«فيلحقه (أي الامام المهدي (عليه السلام)) رجل من أولاد الحسن، في اثنا عشر ألف فارس، ويقول: يا ابن العم، أنا أحق منك بهذا الأمر لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين.
فيقول المهدي: اني أنا المهدي.
فيقول له: هل عندك آية أو معجزة أو علامة؟
فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومئ إليه فيسقط في كفه، فينطق بقدره الله تعالى ويشهد له بالامامة. ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض ليس فيها ماء، فيخضر ويورق، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع.
فيقول الحسني: الأمر لك. فيسلّم وتسلّم جنوده»(٣٩).
وفي حديث المفضّل:
ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ الْفَتَى الْصَبِيحُ الَّذِي نَحْوَ الدَّيْلَمِ، يَصِيحُ بِصَوْت لَهُ فَصِيح: يَا آلَ أَحْمَدَ! أَجِيبُوا الْمَلْهُوفَ والْمُنَادِيَ مِنْ حَوْلِ الضَّرِيحِ.
فَتُجِيبُهُ كُنُوزُ اللهِ بِالطَّالَقَانِ؛ كُنُوزٌ وأَيُّ كُنُوز. لَيْسَتْ مِنْ فِضَّة ولاَ ذَهَب، بَلْ هِيَ رِجَالٌ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، عَلَى الْبَرَاذِينِ الشُّهْبِ بِأَيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، ولَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ الظَّلَمَةَ حَتَّى يَرِدَ الْكُوفَةَ وقَدْ صَفَا أَكْثَرُ الاَرْضِ، فَيَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً.
فَيَتَّصِلُ بِهِ وبِأَصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيِّ (عليه السلام) ويَقُولُونَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟
فَيَقُولُ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَنْ هُوَ ومَا يُرِيدُ؟ وهُوَ واللهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَإِنَّهُ لَيَعْرِفُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الامْرِ إِلاَّ لِيُعَرِّفَ أَصْحَابَهُ مَنْ هُوَ.
فَيَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ فَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد فَأَيْنَ هِرَاوَةُ جَدِّكَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ الْيَرْبُوعُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الدُّلْدُلُ، وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَمُصْحَفُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)؟
فَيُخْرُجُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَغْرِسُهَا فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ وَتُورِقُ، وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يُرِيَ أَصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيِّ (عليه السلام) حَتَّى يُبَايِعُوهُ.
فَيَقُولُ الْحَسَنِيُّ: اللهُ أَكْبَرُ! مُدَّ يَدَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى نُبَايِعَكَ.
فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايِعُهُ ويُبَايِعُهُ سَائِرُ الْعَسْكَرِ الَّذِي مَعَ الْحَسَنِيِّ إِلاَّ أَرْبَعِينَ أَلْفاً، أَصْحَابُ الْمَصَاحِفِ الْمَعْرُوفُونَ بِالزِّيدِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ؟
فَيَخْتَلِطُ الْعَسْكَرَانِ، فَيُقْبِلُ الْمَهْدِيُّ (عليه السلام) عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنْحَرِفَةِ، فَيَعِظُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ ثَلاثَةَ أَيَّام، فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَكُفْراً، فَيَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً»(٤٠).
٢ - خسوف القمر لخمس بقين، وكسوف الشمس لخمس عشرة مضين من شهر رمضان.
وهذه ظاهرة كونية خارقة للنظام الفلكي، يشير اليها حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«آيتان (اثنان) بين يدي هذا الأمر: خسوف القمر لخمس وكسوف الشمس عشرة، [و] لم يكن ذلك منذ هبط آدم (عليه السلام) الى الأرض، وعند ذلك يسقط حساب المنجمين»(٤١).
٣ - كثرة الامطار في جمادي الآخرة، وعشرة أيام من رجب.
ويشير إليها حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«إذا آن قيامه مطر الناس جمادى الآخرة وَعشرة الايام من رجب، مطراً لم تر الخلائق مثله»(٤٢).
ولعل يشير إليه أيضاً حديث سعيد بن جبير الذي نقله الشيخ المفيد (قدس سره)(٤٣).
٤ - الموت الاحمر والموت الابيض بذهاب ثلثي أهل العالم.
ويشير إليها حديث الامام الصادق (عليه السلام):
١ - عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«قدَّام القائم موتتان: موت أحمر وموت أبيض، حتّى يذهب من كلِّ سبعة خمسة. الموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون»(٤٤).
٢ - عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلث النّاس.
فقيل له: إذا ذهب ثلث [ثلثا] الناس فما يبقى؟
فقال (عليه السلام): أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي»(٤٥).
إلى غير ذلك من العلائم الاخرى التي وردت في أحاديث كثيرة، تلاحظها في باب علائم الظهور من الغيبتين.
مثل ما في حديث أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عزَّ وجلَّ: (عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)(٤٦)، ما هو عذاب خزي الدّنيا؟
فقال: «وأيُّ خزي أخزى - يا أبا بصير - من أن يكون الرَّجل في بيته وحجاله وعلى إخوانه وسط عياله، إذ شقَّ أهله الجيوب عليه وصرخوا. فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مُسخ فلان الساعة.
فقلت: قبل قيام القائم (عليه السلام) أو بعده؟
قال: لا، بل قبله»(٤٧).
ومن المناسب في المقام ذكر ما يكون من الحوادث عند ظهوره (عليه السلام) في رواية المفضّل البيانية المفصلة، ويأتي بيانها.
هذه ملامح خاصة من علائم ظهور تلك الشمس المشرقة، وبزوغ ذلك النور الالهي الأبلج، وانقشاع سحاب الغيبة عن جمال وجه الامام المهدي أرواحنا فداه، ليقوم ويملأ الأرض بالقسط والعدل.

الفصل الثاني: القيام المقدس

مبدأ قيام الامام المهدي (عليه السلام) ونهضته المباركة يكون من بيت الله العتيق، بعد أن يحضر في المسجد الحرام في يوم عاشوراء(٤٨)، ويصلّي ركعات عند مقام ابراهيم (عليه السلام).
فانّه بعد ظهوره يجمع الله تعالى له أصحابه، ويُسند ظهره إلى الكعبة المعظّمة، مستجيراً بربّ العظمة، فيُلقى خطبته العصماء، ثم تتمّ له البيعة الكريمة، بيعة جنود الرحمن لصاحب الزمان، ثم يكون القيام بالسيف، بالقوّة الالهيّة القاهرة لاستئصال شأفة المعاندين والمنافقين والمستكبرين الضالّين.
فلنشرح هذه المراحل التمهيديّة الهامة في سبيل تحقّق الدولة المؤمّلة، والحكومة العالميّة المفضّلة.
تَجمُّع الأصحاب
أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) ثُلّة طيّبة، وصفوة مهذبّة، من خيرة الخلق ذوى الكفاءة التامّة، واللياقة الكاملة، لصحبة الامام، وتدبير المهام، وإدارة الكرة الأرضيّة، والدولة العالميّة.
وقد وردت أحاديث متظافرة من الفريقين في بيان مدحهم وعظيم مقامهم.
وتفيد أنهم تُطوى لهم الأرض، ويُذلّل لهم كلُّ صعب، وأنّهم جيش الغضب لله تعالى.
وأنهم خيار الأمّة مع أبرار العترة، والفقهاء القضاة، وأنهم أفضل من أصحاب الأنبياء.
وأنهم أولوا البأس الشديد الذين وعد الله تعالى أن يسلّطهم على اليهود في قوله تعالى:
(بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْس شَدِيد)(٤٩).
وأنهم الأمة المعدودة الموعودة في قوله تعالى:
(وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّة مَعْدُودَة لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٥٠)،(٥١).
وفي الحديث:
«ينهض (عليه السلام) في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد»(٥٢).
وقد سمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) باخوانه مصابيح الدجى(٥٣).
وفي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
ويكون قيامه مع عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرعه، وسيف ذي الفقار، مع اصحابه الذين هم رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله أشدُّ من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلاّ خرَّبوها، كأنَّ على خيولهم العقبان، يتمسّحون بسرج الامام (عليه السلام) يطلبون بذلك البركة، ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد فيهم.
رجال لا ينامون الليل، لهم دويُّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيّدها، كالمصابيح كأنَّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم: «يا لثارات الحسين»(٥٤).
وفي حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) في جيش الغضب:
«اُولئك قوم يأتون في آخر الزمان، فزع كقزع الخريف، والرجل والرجلان والثلاثة من كلِّ قبيلة حتى يبلغ تسعة. أما والله إنّي لأعرف أميرهم واسمه، ومناخ ركابهم»(٥٥).
وفي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«إِذَا أُذِنَ الامَامُ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعِبْرَانِيِّ، فَأُتِيحَتْ لَهُ صَحَابَتُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ، قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِيفِ، فَهُمْ أَصْحَابُ الالْوِيَةِ. مِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ عَنْ فِرَاشِهِ لَيْلاً فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَى يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَحِلْيَتِهِ وَنَسَبِهِ.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَيُّهُمْ أَعْظَمُ إِيمَاناً؟
قَالَ: الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً، وَهُمُ الْمَفْقُودُونَ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٥٦)،(٥٧).
وقد جاء مدحهم وذكر عددهم وأسمائهم في خطبة البيان الشريفة التي ورد فيها:
«ألا وإنّ المهدي أحسن الناس خُلقاً وخلقةً، ثم إذا قام يجتمع إليه أصحابه على عدّة أهل بدر وأصحاب طالوت، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً.
كلّهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم، مثل زُبُر الحديد، لو أنّهم همّوا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها.
فهم الذين وحّدوا الله تعالى حقّ توحيده، لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل حزناً من خشية الله تعالى.
قُوّام الليل، صُوّام النهار، كأنما ربّاهم أبٌ واحد وأمّ واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبّة والنصيحة.
ألا وانّي لأعرف أسمائهم وأمصارهم.
فقام إليه جماعة من الأصحاب، وقالوا: نسألك بالله وبابن عمّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تسمّيهم بأسمائهم وأمصارهم، فلقد ذابت قلوبنا من كلامك؟
فقال (عليه السلام): اسمعوا أُبيّن لكم أسماء أنصار القائم، إنّ أولهم من أهل البصرة، وآخرهم من الأبدال...».
ثمّ عدّهم، وذكر بلادهم ثمّ قال (عليه السلام): «هؤلاء يجتمعون كلّهم من مطلع الشمس ومغربها، وسهلها وجبلها.
يجمعهم الله تعالى في أقلّ من نصف ليلة، فيأتون إلى مكّة».
ولقد أجاد في ترتيب ذكر هؤلاء الأصحاب الطيّبين مع ذكر بلادهم وقبائلهم وتوضيح ذلك في كتاب الامام المهدي من المهد إلى الظهور في الجدول التالي:
بيّن فيه عدد الأفراد من كلّ بلد أو قبيلة.
مع أسماء البلاد أو القبائل.
مع أسماء اولئك الأصحاب.
بشرح وتوضيح ننقله نصّاً بكمّه وكيفه:
عدد أسماء البلاد أسماء الأفراد
الأفراد أو القبائل
٢ أرمينية(٥٨) أحمد وحسين
٤ الإسكندرية حسن ومحسن وشبيل وشيبان
١ اصفهان يونس
٢ الإفرنج(٥٩) علي وأحمد
١ ألومة(٦٠) معشر
١ الأنبار(٦١) علوان
١ أنطاكية(٦٢) عبد الرحمن
٥ أوال(٦٣) عامر وجعفر ونصير وبكير وليث
١ أوس(٦٤) محمد
١ بالس(٦٥) نصير
٣ بدو اعقيلمنبه وضابط وغربان(٦٦)
١ بدو اغيرعمرو(٦٧)
١ بدو شيباننهراش
١ بدو قسينجابر
١ بدو كلابمطر
٢ بدو مصرعجلان ودراج
٣ برعة(٦٨) يوسف وداود وعبد الله
٢ البصرة علي ومحارب
١ بَلخ(٦٩) حسن
١ بلست(٧٠) عبد الوارث
١ البلقاء(٧١) صادق
٣ بيت المقدس بشر وداود وعمران
٢ البيضاء(٧٢) سعد وسعيد
٢ تُستَر(٧٣) أحمد وهلال
١ تفليس(٧٤) محمد
١ تميم(٧٥) ريان
١ الثقب(٧٦) هارون
٥ جَبَل اللُكام(٧٧) عبد الله وعبيد الله وقادم ويحيى وطالوت
١ جدّة ابراهيم
٢ جعارة(٧٨) يحيى وأحمد
٤ الحبشة(٧٩) ابراهيم وعيسى ومحمد وحمدان
١ الحبش كثير
٢ حلب صبيح ومحمد
٢ الحلّة محمد وعلي
١ حمص جعفر
٢ حِمَير(٨٠) مالك وناصر.
٢ خرش انتكيّة ومسنون
٢ الخَط(٨١) عزيز ومبارك
٢ الخلاط(٨٢) محمد وجعفر
٢ خونج(٨٣) محروز ونوح
٢ دمشق داود وعبد الرحمن
١ الدورق(٨٤) عبد الغفور
١ ديار شعيب
١ ذهاب(٨٥) حسين
٢ الرملة(٨٦) طليق وموسى
١ رُهاط(٨٧) جعفر
١ الري(٨٨) مجمع
٣ الزوراء(٨٩) عبد المطّلب وأحمد وعبد الله
٣ زيد(٩٠) محمد وحسن وفهد
٣ السادة صليب وسعدان وشبيب
١ سِجار(٩١) محمد
٢ سرخس(٩٢) ناجية وحفص
٢ سُرَّ مَن رأى(٩٣) مرائي وعامر
٣ سعداوة أحمد وحيى وفلاح
١ سلماس(٩٤) هارون
٢ سمرقند(٩٥) علي ومجاهد
٢ السِن(٩٦) مقداد وهود
٢ سنجار(٩٧) ابان وعلي
١ السِند(٩٨) عبد الرحمن
١ السهم جعفر
٢ السوس(٩٩) شيبان وعبد الوهاب
٤ سيراف(١٠٠) خالد ومالك وحوقل وابراهيم
٣ سيلان(١٠١) نوح وحسن وجعفر
١ الشوبك عمير
٤ شيراز عبد الله وصالح وجعفر وابراهيم
١ شيزَر(١٠٢) عبد الوهاب
١ صنعاء جبرئيل وحمزة ويحيى وسميع
٤ الضيعة زيد وعلي
٢ الضيف(١٠٣) عالم وسهيل
٣ الطائف علي وسبأ وزكريا
١ طائف اليمن هلال
٢٤ طالقان(١٠٤) صالح وجعفر ويحيى وهود وفالح وداود وجميل وفضيل وعيسى وجابر وخالد وعلوان وعبد الله وأيوب وملاعب وعمر وعبد العزيز ولقمان وسعد وقبضة ومهاجر
١ الطَبَرية(١٠٥) فليح
١٠ عبادان حمزة وشيبان وقاسم وجعفر وعمرو وعامر وعبد المهيمن وعبد الوارث ومحمد وأحمد وعون وموسى
٢ عدن عون وموسى
١ عَرَفة(١٠٦) فرج
٥ عسقلان(١٠٧) محمد ويوسف وعمر وفهد وهارون
٢ عَسكَرٌ مُكرَم(١٠٨) الطيّب وميمون
١ عَقر(١٠٩) أحمد
٢ عَكّا(١١٠) مروان وسعد
١ العمارة(١١١) مالك
٦ عَمّان محمد وصالح وداود وهواشب وكوش ويونس
١ عنيزة(١١٢) عمير
٤ الفسطاط(١١٣) أحمد وعبد الله ويونس وطاهر
٢ قاشان(١١٤) عبد الله وعبيد الله
١ القادسية(١١٥) حصين
٨ قزوين هارون وعبد الله وجعفر وصالح وعمر وليث وعلي ومحمد
١ قم يعقوب
٣ كازرون(١١٦) عمر ومعمر ويونس
١ الكبش(١١٧) محمد
٣ كربلاء حسين وحسين وحسن
١ كرخي بغداد(١١٨) قاسم
١ الكُرد(١١٩) عون
١ كرمان(١٢٠) عبد الله
١ الكورة(١٢١) ابراهيم
٤ الكوفة محمد وغياث وهود وعتاب
١ لنجُوية(١٢٢) كوثر
١٠ المدينة علي وحمزة وجعفر وعباس وطاهر وحسن وحسين وقاسم وابراهيم ومحمد
١ مراغة(١٢٣) صدقة
٢ مرقية(١٢٤) بشر وشعيب
١ مرو(١٢٥) حذيفة
١٤ المعاذة سويد وأحمد ومحمد وحسن ويعقوب وحسين وعبد الله وعبد القديم ونعيم وعلي وحيان وظاهر وتغلب وكثير
٤ مكّة عمرو وابراهيم ومحمد وعبد الله
٢ المنصورية عبد الرحمن وملاعب محمد وعمر ومالك
٣ المهجم(١٢٦) محمد وعمر ومالك
٢ الموصل هارون وفهد
٢ النجف جعفر ومحمد
٢ نصيبين(١٢٧) أحمد وعلي
٢ النوبة(١٢٨) واصل وفاضل
٢ نيسابور(١٢٩) علي ومهاجر
٢ هَجَر(١٣٠) موسى وعباس
١ هُجر عبد القدوس
١ هرات(١٣١) نهروش
٢ همدان(١٣٢) علي وصالح
٣ الهونين(١٣٣) عبد السلام وفارس وكليب
١ واسط(١٣٤) عقيل
٢ اليمامة(١٣٥) ظافر وجميل
١٤ اليمن جبير وحويش ومالك وكعب وأحمد وشيبان وعامر وعمار وفهد وعاصم وحجر وكلثوم وجابر ومحمد
٢٩٨ المجموع
وستة رجال من الأبْدال(١٣٦) كلُّهم أسماؤهم عبد الله، وثلاثة من موالي أهل البيت عبد الله ومخنف وبراك، وأربعة رجال من موالي الأنبياء صباح وصياح وميمون وهود، ورجلان مملوكان: عبد الله وناصح.
المجموع: ٣١٣ رجلاً(١٣٧).
هذا.. وهناك سوى هؤلاء الأصحاب الطيبين أنصار صالحون للامام المهدي، يلتحقون به في مكّة وغيرها، ويكونون من المجاهدين بين يديه، وهم عدّة كثيرة ممن يتبعون الامام (عليه السلام) ويكونون من أعوانه والذابّين عنه.
وقد ورد في الأدعية الشريفة والزيارات المأثورة أن يجعلنا الله من أنصاره وأعوانه.
من ذلك دعاء العهد الشريف الذي ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه:
«من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا.
فان مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره، وأعطاه بكلّ كلمة ألف حسنة، ومحى عنه ألف سيّئة»(١٣٨).
وقد ورد أن جيشه (عليه السلام) الذي يخرج به من مكة عشرة آلاف، والذي يدخل فيه العراق قد يبلغ مئات الألوف..(١٣٩)
فعدّة الأنصار عدّة كثيرة جداً، هي من القوّة المعينة.
والأصحاب ٣١٣ خاصّة، هم أصحاب الألوية، وصفوة الصفوة.
الخطبة العصماء
وممّا يمتاز به حجّة الله، أن يكون قيامه من بيت الله، ويبدأ في نطقه بكلام الله فيُلقى خطبته الموجهة إلى أهل مكّة، والى المسلمين، والى الخلق جميعاً.
وفي البداية يورد (عليه السلام) خطبته البليغة التي يستنصر الله تعالى فيها، ويبيّن للناس مقامه الأسمى بها.
وأول ما ينطق به قوله تعالى:
(بَقِيَّتُ اللهَ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ)(١٤٠)،(١٤١).
وفي حديث جابر الجعفي عن الامام الباقر (عليه السلام) في بيان الخطبة:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ، فَمَنْ أَجَابَنَا مِنَ النَّاسِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّد، ونَحْنُ أَوْلَى النَّاسِ بِاللهِ وبِمُحَمَّد (صلى الله عليه وآله).
فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِآدَمَ، ومَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِنُوح، ومَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ، ومَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) ومَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيِّينَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّبِيِّينَ.
أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١٤٢).
فأنا بقيّة من آدم، وخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد صلّى الله عليهم أجمعين.
ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلّغ الشاهد منكم الغائب وأسألكم بحق الله وحق رسوله (صلى الله عليه وآله) وبحقي فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله إلا أعنتمونا(١٤٣) ومنعتمونا ممن يظلمنا؛ فقد اُخفنا وظُلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبُغي علينا ودُفعنا عن حقنا وافترى أهل الباطل علينا.
فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله تعالى»(١٤٤).
في حديث المفضل في البحار(١٤٥):
«وسيّدنا القائم (عليه السلام) مسندٌ ظهره إلى الكعبة ويقول:
يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ! أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وشَيْث فَهَا أَنَا ذَا آدَمُ وشَيْثٌ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوح ووَلَدِهِ سَام فَهَا أَنَا ذَا نُوحٌ وسَامٌ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وإِسْمَاعِيلَ فَهَا أَنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وإِسْمَاعِيلُ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى ويُوشَعَ فَهَا أَنَا ذَا مُوسَى ويُوشَعُ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وشَمْعُونَ فَهَا أَنَا ذَا عِيسَى وشَمْعُونُ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّد وأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِما فَهَا أَنَا ذَا مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام).
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ (عليهما السلام) فَهَا أَنَا ذَا الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ.
أَلاَ ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الائِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام) فَهَا أَنَا ذَا الائِمَّةُ (عليهم السلام).
أَجِيبُوا إِلَى مَسْأَلَتِي فَإِنِّي أُنَبِّئُكُمْ بِمَا نُبِّئْتُمْ بِهِ ومَا لَمْ تُنَبَّئُوا بِهِ، ومَنْ كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ والصُّحُفَ فَلْيَسْمَعْ مِنِّي.
ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالصُّحُفِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى آدَمَ وشَيْث (عليهما السلام) ويَقُولُ أُمَّةُ آدَمَ وشَيْث هِبَةِ اللهِ: هَذِهِ واللهِ هِيَ الصُّحُفُ حَقّاً ولَقَدْ أَرَانَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ فِيهَا ومَا كَانَ خَفِيَ عَلَيْنَا ومَا كَانَ أُسْقِطَ مِنْهَا وبُدِّلَ وحُرِّفَ.
ثُمَّ يَقْرَأُ صُحُفَ نُوح وصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ والتَّوْرَاةَ والانْجِيلَ والزَّبُورَ فَيَقُولُ أَهْلُ التَّوْرَاةِ والانْجِيلِ والزَّبُورِ: هَذِهِ واللهِ صُحُفُ نُوح وإِبْرَاهِيمَ (عليهما السلام) حَقّاً ومَا أُسْقِطَ مِنْهَا وبُدِّلَ وحُرِّفَ مِنْهَا هَذِهِ واللهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ، والزَّبُورُ التَّامُّ، والانْجِيلُ الْكَامِلُ، وإِنَّهَا أَضْعَافُ مَا قَرَأْنَا مِنْهَا.
ثُمَّ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا واللهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)...»(١٤٦).
وفي الحديث الشريف:
يدعو الناس إلى كتاب الله، وسنّة نبيه، والولاية لعلي بن أبي طالب والبراءة من عدوه»(١٤٧).
وهكذا يلقى خطبته، ويتمّ حجّته، فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قد توارثته الأبناء عن الآباء(١٤٨).
البيعةُ الكريمة
بعد خطبته (عليه السلام) تتم البيعة معه، بيعة أهل السماء والأرض؛ بيعةٌ يبدؤها أمين وحي الله جبرئيل (عليه السلام)، ثم المؤمنون الكرام.
ففي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«إنّ أول من يبايع القائم (عليه السلام) جبرئيل (عليه السلام)...»(١٤٩).
وفي الحديث الآخر:
«فيبعث الله جلَّ جلاله جبرئيل (عليه السلام) يأتيه فينزل على الحطيم، ثمَّ يقول له: إلى أيِّ شيء تدعو؟
فيخبره القائم (عليه السلام)، فيقول جبرئيل (عليه السلام): أنا أوَّل من يبايعك، ابسط يدك.
فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعونه، ويقيم بمكّة حتّى يتم أصحابه عشرة آلاف أنفس، ثم يسير منها الى المدينة»(١٥٠).
وفي الحديث الآخر:
«يا مفضّل، كلُّ بيعة قبل ظهور القائم (عليه السلام) فبيعته كفر ونفاق وخديعة لعن الله المبايِع لها والمبايَع له.
يا مفضّل يسند القائم (عليه السلام) ظهره إلى الحرم ويمدُّ يده، فتُرى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله، وعن امر الله، وبأمر الله.
ثمَّ يتلو هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهَ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)(١٥١) الآية.
فيكون أوَّل من يقبّل يده جبرئيل (عليه السلام)، ثمَّ يبايعه، وتبايعه الملائكة ونجباء الجنِّ، ثمَّ النقباء»(١٥٢).
فتتم البيعة والمعاهدة معه على الطاعة، ويكون السلام عليه بنحو: «السلام عليك يا بقية الله»، كما في الحديث(١٥٣).
وتكون بيعة أنصاره معه على الأمور التالية:
على أن لا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يسبّوا مسلماً، ولا يقتلوا محرّماً ولا يهتكوا حريماً محرماً، ولا يهجموا منزلاً، ولا يضروا أحداً إلاّ بالحق، ولا يكنزوا ذهباً ولا فضّة ولا بُرّاً ولا شعيراً، ولا يأكلوا مال اليتيم، ولا يشهدوا بما لا يعلمون، ولا يخربوا مسجداً، ولا يشربوا مسكراً، ولا يلبسوا الخزّ ولا الحرير، ولا يتمنطقوا بالذهب، ولا يقطعوا طريقاً، ولا يخيفوا سبيلاً، ولا يفسقوا بغلام، ولا يحبسوا طعاماً من بُرّ أو شعير، ويرضون بالقليل، ولا يشتمون، ويكرهون النجاسة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويلبسون الخشن من الثياب، ويتوسّدون التراب على الخدود، ويجاهدون في الله حق جهاده، ويشترط على نفسه لهم أن يمشي حيث يمشون، ويلبس كما يلبسون، ويركب كما يركبون، ويكون من حيث يريدون، ويرضى بالقليل، ويملأ الأرض بعون الله عدلاً كما ملئت جوراً، يعبد الله حق عبادته، ولا يتخذ حاجباً ولا بوّاباً»(١٥٤).
وبالرغم ممّا يتمتع به أصحابه الكرام من الدرجات العالية، والعدالة الروحيّة، تكون هذه الشروط توثيقاً للحكم، وتأكيداً في الأمر، وتعليماً للحياة المثاليّة التي تخصّهم لقيادة الكرة الأرضيّة وهي بيعة ميمونة يشمل خيرها جميع الموجودات في مسيرة الحياة.
القوّة الالهيّة
هناك سؤال يُطرح كثيراً في أنه كيف يغلب الامام المهدي (عليه السلام) ويستولي على العالم، وكيف تخضع له الحكومات مع امتلاكهم هذه الأسلحة الفتّاكة، والأجهزة الحديثة؟
وسرعان ما يتجلّى الجواب إذا عرفنا بأنّه (عليه السلام) مقرون بلا فصل مع الارادة الربّانيّة التي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون.
وهو (عليه السلام) ممتلك لما فوق السلاح البشري، وما هو أعظم من المصنوع الانساني.
وهو (عليه السلام) مزوّدٌ بالقوة الالهية القاهرة، والمدد السماوي المظفّر، والميراث النبوي الباهر، وبها يخضع له الكل، ويهيمن على الجميع، ويغلب على العالم.
١ - فله الاسم الأعظم الالهي الذي هو معدن القُدرات، اثنان وسبعون منه(١٥٥).
٢ - وله الاسم الالهي الخاص الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اذا جعله بين المسلمين والمشركين، لم تصل من المشركين الى المسلمين نشابةٌ قط(١٥٦).
٣ - وله عصى موسى (عليه السلام) التي تأتي بالعجب العُجاب(١٥٧).
٤ - وله خاتم سليمان الذي كان اذا لبسه سخر الله تعالى له الملائكة، والانس والجن، والطير، والريح(١٥٨).
٥ - وله تابوت بني اسرائيل التي فيها السكينة والعلم والحكمة، ويدور معها العلم والنبوة والمُلك(١٥٩).
٦ - وله امتلاك الرعب في قلوب الاعداء، يسير معه أمامه وخلفه وعن يمينه وشماله.
ولا يخفى شدّة تأثير هذا الرعب في دهشة العدو، وعدم تسلطه على استعمال السلاح أساساً(١٦٠).
٧ - وله نصرة الله تعالى التي لا يفوقها شيء: (إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ)(١٦١) فان الله تعالى ينصره حتى بزلازل الارض، وصواعق السماء.
٨ - وله الولاية الالهية العظمي التي جعلها الله تعالى لهم تكويناً وتشريعاً، كما ثبت بالأدلة المتواترة(١٦٢).
٩ - وله الاحتجاجات والحجج الكاملة، التي يحتج بها بأوصافه وعلائمه الموجودة في التوراة والألواح، التي تقدمت الاشارة اليها. ثم اقتداء النبي عيسى (عليه السلام) به في الصلاة التي توجب خضوع كثير من اليهود والنصارى له(١٦٣).
١٠ - وأخيراً وليس بآخر إرادة الله تعالى القادر القهّار الذي اذا أراد شيئاً لم يتخلف ما أراده طرفة عين، ولم يحُل بينهما شيءٌ في البين.
وقد أراد ذلك بصريح قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(١٦٤).
وبهذا تعرف أن الامام المهدي (عليه السلام) يقوم بالقوّة الإلهية التي لا تقاومها القوة البشريّه مهما بلغت وتطوّرت.
بل لا قدرة للبشرية أمام قدرة الله الغالبة، حتى يتردد أحدٌ بأنه كيف يتغلب الامام المهدي (عليه السلام) على الأسلحة العصريّة.
وهل في الكون قدرة تقف أمام إله الكون؟!
وهل للمخلوق قدرة تقوم أمام قدرة الخالق؟!
فبمثل هذه القوي الالهية يقوم الامام المنتظر (عليه السلام) بأمر الله، ويقيم دولة الله، فيرث الأرض عباده الصالحون.
وهو من المحتومات الالهية التي لا تبديل لها عند الله تعالى، كما صرحت به أحاديثنا الشريفة، مثل حديث أبي حمزة الثمالي:
قال: كنت عند أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) ذات يوم، فلما تفرق من كان عنده قال لي:
يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول لقى الله وهو به كافر وله جاحد...
يا أبا حمزة من أدركه فلم يسلّم له فما سلّم لمحمد (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)، وقد حرّم الله عليه الجنّة، ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين»(١٦٥).
وقال الامام الباقر (عليه السلام):
لو خرج قائم آل محمد (عليه السلام) لنصره الله بالملائكة المسوّمين، والمردفين، والمنزلين، والكروبيين.
يكون جبرائيل أمامه، وميكائيل عن يمينه، وإسرافيل عن يساره، والرعب يسير مسيرة شهر أمامه، وخلفه، وعن يمينه، وعن شماله، والملائكة المقربون حذاه»(١٦٦).
وبعد هذه القوة الالهية القاهرة، ما هو الظن بالقوى البشريّة، هل تعمل أم تتعطّل؟!
نعم بالقدرة الالهية الغالبة على كلّ شيء يقوم الامام المنتظر (عليه السلام) بالحق، ويبسط الحق، ويسير بالحق، وهي سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)(١٦٧).
المسيرة الاصلاحيّة
ينبغي أن نشير هنا إلى خريطة مسيره المبارك في قيامه الأغرّ الذي يمكن تخطيطه بالأحاديث الشريفة من البدء إلى استقرار دولته الكريمة، في المراحل الثلاثة التالية:
١ - اصلاحاته في مكّة المكرّمة.
٢ - التوجّه إلى المدينة المنوّرة.
٣ - الكوفة عاصمته المباركة.
المرحلة الأولى: مكّة المكرّمة
المستفاد من بعض الأحاديث، أن مكّة تستسلم له (عليه السلام) ويسيطر الامام على البلدة بكاملها.
ويستفاد هذا من قوله (عليه السلام) في النص الذي عبّر بالاطاعة بعد سؤال الراوي: فما يصنع بأهل مكّة؟
قال:
«يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فيطيعونه، ويستخلف فيهم رجلاً من أهل بيته»(١٦٨).
ويدل الحديث الصادقي على أنه (عليه السلام) يردّ المسجد الحرام إلى أساسه الذي حدّه النبي ابراهيم (عليه السلام)، وهو الحزْوَرَة(١٦٩).
ويردّ المقام إلى الموضع الذي كان فيه بجوار الكعبة(١٧٠).
كما ينادي مناديه أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف كما في الحديث الشريف(١٧١).
فيفسح صاحب الطواف المستحب المجال لصاحب الطواف الواجب، ويتقدّم ذلك لطوافه واستلام الحجر في سبيل راحة الطواف، وعدم الازدحام، وسهولة إنجاز مناسك الحج.
ثم بعد انجازاته الموفّقة في مكة المكرّمة ونصب وال من قبله هناك يتوجّه إلى مدينة جدّه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)(١٧٢).
المرحلة الثانية: المدينة المنوّرة
للإمام المهدي (عليه السلام) شأن عظيم في المدينة المنورة، نشير إليه بحديث المفضّل الجعفي عن الامام الصادق (عليه السلام) الذي يبيّن سرور المؤمنين، وخزي الكافرين، وأخذ الثأر من الظالمين، في مُقامه (عليه السلام) هناك.
جاء فيه:
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ (عليه السلام):
«إِلَى مَدِينَةِ جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) فَإِذَا وَرَدَهَا كَانَ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ، وخِزْيُ الْكَافِرِينَ.
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي مَا هُوَ ذَاكَ؟
قَالَ يَرِدُ إِلَى قَبْرِ جَدِّهِ (صلى الله عليه وآله) فَيَقُولُ:
يَا مَعَاشِرَ الْخَلاَئِقِ! هَذَا قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد.
فَيَقُولُ: ومَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ؟
فَيَقُولُونَ: صَاحِبَاهُ وضَجِيعَاهُ أَبُو بَكْر وعُمَرُ.
فَيَقُولُ - وهُوَ (عليه السلام) أَعْلَمُ بِهِمَا والْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ -: مَنْ أَبُو بَكْر وعُمَرُ، وكَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ مَعَ جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وعَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.
فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ لأنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأَبَوَا زَوْجَتَيْهِ.
فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَث: أَخْرِجُوهُمَا مِنْ قَبْرَيْهِمَا.
فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا ولَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا.
فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُهُمَا؟
فَيَقُولُونَ: نَعْرِفُهُمَا بِالصِّفَةِ، ولَيْسَ ضَجِيعَا جَدِّكَ غَيْرَهُمَا.
فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أَوْ يَشُكُّ فِيهِمَا؟
فَيَقُولُونَ: لاَ.
فَيُؤَخِّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أَيَّام ثُمَّ.
يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي النَّاسِ ويَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ ويَكْشِفُ الْجُدْرَانَ عَنِ الْقَبْرَيْنِ، ويَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وانْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشِفُ عَنْهُمَا أَكْفَانَهُمَا ويَأْمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَة يَابِسَة نَخِرَة فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ وتُورِقُ ويَطُولُ فَرْعُهَا.
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أَهْلِ وَلاَيَتِهِمَا: هَذَا واللهِ الشَّرَفُ حَقّاً، ولَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا ووَلاَيَتِهِمَا.
ويُخْبِرُ مَنْ أَخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ مِقْيَاسُ حَبَّة مِنْ مَحَبَّتِهِمَا ووَلاَيَتِهِمَا فَيَحْضُرُونَهُمَا ويَرَوْنَهُمَا ويُفْتَنُونَ بِهِمَا.
ويُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيِّ (عليه السلام) كُلُّ مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَرِدْ جَانِباً فَتَتَجَزَّأُ الْخَلْقُ جُزْءَيْنِ أَحَدُهُمَا مُوَال والاخَرُ مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرِضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أَوْلِيَائِهِمَا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا.
فَيَقُولُونَ يَا مَهْدِيَّ آلِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأْ مِنْهُمَا، ولَسْنَا نَعْلَمُ أَنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وعِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ وهَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أَ نَتَبَرَّأُ السَّاعَةَ مِنْهُمَا وقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأَيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وغَضَاضَتِهِمَا وحَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا؟ بَلْ واللهِ نَتَبَرَّأُ مِنْكَ، ومِمَّنْ آمَنَ بِكَ، ومَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا، ومَنْ صَلَبَهُمَا وأَخْرَجَهُمَا وفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ.
فَيَأْمُرُ الْمَهْدِيُّ (عليه السلام) رِيحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأَعْجَازِ نَخْل خَاوِيَة.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَنِ إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى ويَأْمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاِجْتِمَاعِ.
ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُلِّ كُور ودُور.
وإِشْعَالَ النَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وفَاطِمَةَ والْحَسَنِ والْحُسَيْنِ (عليهم السلام) لإحْرَاقِهِمْ بِهَا.
وضَرْبَ يَدِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ، ورَفْسَ بَطْنِهَا، وإِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً.
وسَمَّ الْحَسَنِ (عليه السلام) وقَتْلَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وذَبْحَ أَطْفَالِهِ وبَنِي عَمِّهِ وأَنْصَارِهِ وسَبْيَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله).
وإِرَاقَةَ دِمَاءِ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) وكُلِّ دَم سُفِكَ، وكُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً، وكُلَّ رَيْن وخُبْث وفَاحِشَة وإِثْم وظُلْم وجَوْر وغَشْم.
كُلُّ ذَلِكَ يُعَدِّدُهُ (عليه السلام) عَلَيْهِمَا ويُلْزِمُهُمَا إِيَّاهُ فَيَعْتَرِفَانِ بِهِ.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِمِ مَنْ حَضَرَ.
ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ ويَأْمُرُ نَاراً تَخْرُجُ مِنَ الاَرْضِ فَتُحْرِقُهُمَا والشَّجَرَةَ، ثُمَّ يَأْمُرُ رِيحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً.
ثمّ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ - يَا مُفَضَّلُ - إِلَيْنَا مَعَاشِرَ الائِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الامَّةِ بَعْدَهُ ومَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ والرَّدِّ عَلَيْنَا وسَبْيِنَا ولَعْنِنَا وتَخْوِيفِنَا بِالْقَتْلِ وقَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ الْوُلاَةِ لأُمُورِهِمْ مِنْ دُونِ الامَّةِ بِتَرْحِيلِنَا عَنِ الْحُرْمَةِ إِلَى دَارِ مُلْكِهِمْ وقَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمِّ والْحَبْسِ.
فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) ويَقُولُ: يَا بَنِيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ بِجِدِّكُمْ قَبْلَكُمْ.
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ (عليها السلام) وتَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أَبِي بَكْر وعُمَرَ، وأَخْذِ فَدَكَ مِنْهَا، ومَشْيِهَا إِلَيْهِ فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والانْصَارِ، وخِطَابِهَا لَهُ فِي أَمْرِ فَدَكَ ومَا رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الانْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ، واحْتِجَاجِهَا بِقَوْلِ زَكَرِيَّا ويَحْيَى (عليهما السلام) وقِصَّةِ دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ (عليهما السلام).
وقَوْلِ عُمَرَ هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ أَنَّ أَبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وإِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ، وأَخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، ونَشْرِهِ لَهَا عَلَى رُءُوسِ الاشْهَادِ مِنْ قُرَيْش والْمُهَاجِرِينَ والانْصَارِ وسَائِرِ الْعَرَبِ، وتَفْلِهِ فِيهَا، وتَمْزِيقِهِ إِيَّاهَا، وبُكَائِهَا ورُجُوعِهَا إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بَاكِيَةً حَزِينَةً تَمْشِي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أَقْلَقَتْهَا، واسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وبِأَبِيهَا رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)، وتَمَثُّلِهَا بِقَوْلِ رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِيّ:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وهَنْبَثَةٌ إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَرْضِ وَابِلَهَا أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورِهِمْ لِكُلِّ قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ ومَنْزِلَةٌ يَا لَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُرِ الْخَطْبُ واخْتَلَّ أَهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا لَمَّا نَأَيْتَ وحَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ عِنْدَ الالَهِ عَلَى الادْنَيْنَ مُقْتَرِبٌ أَمَلُوا أُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا وتَقُصُّ عَلَيْهِ قِصَّةَ أَبِي بَكْر وإِنْفَاذِهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وقُنْفُذاً وعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وجَمْعِهِ النَّاسَ لإِخْرَاجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، واشْتِغَالِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِضَمِّ أَزْوَاجِهِ وقَبْرِهِ وتَعْزِيَتِهِمْ، وجَمْعِ الْقُرْآنِ، وقَضَاءِ دَيْنِهِ، وإِنْجَازِ عِدَاتِهِ وهِيَ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَم بَاعَ فِيهَا تَلِيدَهُ وطَارِفَهُ وقَضَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله).
وقَوْلِ عُمَرَ: اخْرُجْ يَا عَلِيُّ إِلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وإِلاَّ قَتَلْنَاكَ.
وقَوْلِ فِضَّةَ جَارِيَةِ فَاطِمَةَ: إِنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) مَشْغُولٌ والْحَقُّ لَهُ، إِنْ أَنْصَفْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وأَنْصَفْتُمُوهُ.
وجَمْعِهِمُ الْجَزْلَ والْحَطَبَ عَلَى الْبَابِ لإحْرَاقِ بَيْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وفَاطِمَةَ والْحَسَنِ والْحُسَيْنِ وزَيْنَبَ وأُمِّ كُلْثُوم وفِضَّةَ وإِضْرَامِهِمُ النَّارَ عَلَى الْبَابِ.
وخُرُوجِ فَاطِمَةَ إِلَيْهِمْ وخِطَابِهَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ وقَوْلِهَا:
وَيْحَكَ يَا عُمَرُ! مَا هَذِهِ الْجُرْأَةُ عَلَى اللهِ وعَلَى رَسُولِهِ؟ تُرِيدُ أَنْ تَقْطَعَ نَسْلَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وتُفْنِيَهُ، وتُطْفِئَ نُورَ اللهِ؟ واللهُ مُتِمُّ نُورِهِ.
وانْتِهَارِهِ لَهَا وقَوْلِهِ كُفِّي يَا فَاطِمَةُ فَلَيْسَ مُحَمَّدٌ حَاضِراً ولاَ الْمَلاَئِكَةُ آتِيَةً بِالامْرِ والنَّهْيِ والزَّجْرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ومَا عَلِيٌّ إِلاَّ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَارِي إِنْ شِئْتِ خُرُوجَهُ لِبَيْعَةِ أَبِي بَكْر أَوْ إِحْرَاقَكُمْ جَمِيعاً.
فَقَالَتْ وهِيَ بَاكِيَةٌ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو فَقْدَ نَبِيِّكَ ورَسُولِكَ وصَفِيِّكَ، وارْتِدَادَ أُمَّتِهِ عَلَيْنَا، ومَنْعَهُمْ إِيَّانَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لَنَا فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ.
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: دَعِي عَنْكِ يَا فَاطِمَةُ حُمْقَاتِ النِّسَاءِ! فَلَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةَ والْخِلاَفَةَ.
وأَخَذَتِ النَّارُ فِي خَشَبِ الْبَابِ.
وإِدْخَالِ قُنْفُذ يَدَهُ - لَعَنَهُ اللهُ - يَرُومُ فَتْحَ الْبَابِ.
وضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ عَلَى عَضُدِهَا حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ الاسْوَدِ، ورَكْلِ الْبَابِ بِرِجْلِهِ حَتَّى أَصَابَ بَطْنَهَا وهِيَ حَامِلَةٌ بِالْمُحَسِّنِ لِسِتَّةِ أَشْهُر وإِسْقَاطِهَا إِيَّاهُ.
وهُجُومِ عُمَرَ، وقُنْفُذ، وخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وصَفْقِهِ خَدَّهَا حَتَّى بَدَا قُرْطَاهَا تَحْتَ خِمَارِهَا، وهِيَ تَجْهَرُ بِالْبُكَاءِ وتَقُولُ: وَا أَبَتَاهْ، وَا رَسُولَ اللهِ، ابْنَتُكَ فَاطِمَةُ تُكَذَّبُ، وتُضْرَبُ، ويُقْتَلُ جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا.
وخُرُوجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ مُحْمَرَّ الْعَيْنِ حَاسِراً، حَتَّى أَلْقَى مُلاَءَتَهُ عَلَيْهَا، وضَمِّهَا إِلَى صَدْرِهِ وقَوْلِهِ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ قَدْ عَلِمْتِي أَنَّ أَبَاكِ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فَاللهَ اللهَ أَنْ تَكْشِفِي خِمَارَكِ وتَرْفَعِي نَاصِيَتَكِ.
فَوَ اللهِ يَا فَاطِمَةُ لَئِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ لاَ أَبْقَى اللهُ عَلَى الاَرْضِ مَنْ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، ولاَ مُوسَى، ولاَ عِيسَى، ولاَ إِبْرَاهِيمَ، ولاَ نُوحاً، ولاَ آدَمَ [ولاَ] دَابَّةً تَمْشِي عَلَى الاَرْضِ، ولاَ طَائِراً فِي السَّمَاءِ، إِلاَّ أَهْلَكَهُ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! لَكَ الْوَيْلُ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا، ومَا بَعْدَهُ، ومَا يَلِيهِ، اخْرُجْ قَبْلَ أَنْ أَشْهَرَ سَيْفِي فَأُفْنِيَ غَابِرَ الامَّةِ.
فَخَرَجَ عُمَرُ، وخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وقُنْفُذٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بِكْر، فَصَارُوا مِنْ خَارِجِ الدَّارِ.
وصَاحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِفِضَّةَ: يَا فِضَّةُ! مَوْلاَتَكِ فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النِّسَاءُ، فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ ورَدِّ الْبَابِ، فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): فَإِنَّهُ - يعني المُحسن - لاَحِقٌ بِجَدِّهِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) فَيَشْكُو إِلَيْهِ...
ثُمَّ يَقُومُ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) مُخَضَّباً بِدَمِهِ هُوَ وجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ.
فَإِذَا رَآهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بَكَى، وبَكَى أَهْلُ السَّمَاوَاتِ والاَرْضِ لِبُكَائِهِ، وتَصْرُخُ فَاطِمَةُ (عليها السلام) فَتُزَلْزَلُ الارْضُ ومَنْ عَلَيْهَا، ويَقِفُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ والْحَسَنُ (عليهما السلام) عَنْ يَمِينِهِ وفَاطِمَةُ عَنْ شِمَالِهِ.
ويُقْبِلُ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) فَيَضُمُّهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) إِلَى صَدْرِهِ ويَقُولُ: يَا حُسَيْنُ! فَدَيْتُكَ، قَرَّتْ عَيْنَاكَ وعَيْنَايَ فِيكَ.
وعَنْ يَمِينِ الْحُسَيْنِ حَمْزَةُ أَسَدُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وعَنْ شِمَالِهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِب الطَّيَّارُ.
ويَأْتِي مُحَسِّنٌ تَحْمِلُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد، وفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَد أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وهُنَّ صَارِخَاتٌ.
وأُمُّهُ فَاطِمَةُ تَقُولُ: (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(١٧٣)، (الْيَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَراً وما عَمِلَتْ مِنْ سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)(١٧٤).
قَالَ - المفضّل -: فَبَكَى الصَّادِقُ (عليه السلام) حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ: لاَ قَرَّتْ عَيْنٌ لاَ تَبْكِي عِنْدَ هَذَا الذِّكْرِ.
وبَكَى الْمُفَضَّلُ بُكَاءً طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: يَا مَوْلاَيَ، مَا فِي الدُّمُوعِ يَا مَوْلاَيَ؟
فَقَالَ: مَا لاَ يُحْصَى إِذَا كَانَ مِنْ مُحِق...»(١٧٥).
واعلم انه قد جاء هذا الحديث مضافاً إلى البحار في كتاب الرجعة للاسترآبادي ص ١٠٠ مسنداً عن الحسين بن حمدان، عن محمد بن اسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيّين، عن أبي شعيب محمد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر.
وحكاه في هامشه عن حلية الأبرار، ج ٢، ص ٦٥٢، واثبات الهداة، ج ٣، ص ٥٢٣، والايقاظ من الهجعة، ص ٢٨٦.
وذكر أيضاً في الهداية الكبرى للحضيني، ص ٧٤ من النسخة المخطوطة.
وجاء ذكر قطعة منه في الصراط المستقيم، ص ٢٥٧.
المرحلة الثالثة: الكوفة العاصمة
بعد مُقام المدينة، يخرج الامام المهدي (عليه السلام) الى حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة بعد أن يستعمل عليها رجلاً من أصحابه، كما في الحديث(١٧٦).
وفي حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«... ويسير نحو الكوفة، وينزل على سرير النبي سليمان (عليه السلام)، وبيمينه عصا موسى، وجليسه الروح الأمين، وعيسى بن مريم، متّشحاً ببرد النبي (صلى الله عليه وآله) متقلّداً بذي الفقار، ووجهه كدائرة القمر في ليالي كماله، يخرج من بين ثناياه نورٌ كالبرق الساطع، على رأسه تاجٌ من نور»(١٧٧).
وللكوفة يومئذ شأنٌ عظيم ومجد كريم، حيث تكون عاصمة حكومته ودار خلافته ومركز شيعته. فيتجلى فيها السموّ والرفعة، وتصير مهد الحياة الزاهرة في دولة العترة الطاهرة، ببركة الامام المهدي ارواحنا فداه.
ففي حديث المفضل: قلت: يا سيدي، فأين تكون دار المهديّ ومجتمع المؤمنين؟
قال:
«دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريّين.
قال المفضّل: يا مولاي كلُّ المؤمنين يكونون بالكوفة؟
قال: إي والله، لا يبقى مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها، وليبلغنّ مجالة فرس منها ألفي درهم...
وليصيّرنّ الكوفة أربعة وخمسين ميلاً(١٧٨)، ويجاوزن قصورها كربلاء.
وليصيّرنّ الله كربلاء معقلاً ومقاماً تختلف فيه الملائكة والمؤمنون، وليكوننّ لها شأن من الشأن، وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربّه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا الف مرّة»(١٧٩).
وفي الحديث العلوي الشريف:
«ثم يقبل الى الكوفة، فيكون منزله بها. فلا يترك عبداً مسلماً الا اشتراه واعتقه، ولا غارماً الا قضى دينه، ولا مظلمة لاحد من الناس الا ردّها، ولا يُقتل منهم عبد الا أدّى ثمنه دية مسلَّمة الى أهلها، ولا يُقتل قتيل الا قضى عنه دينه، وألحق عياله في العطاء، حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وعدواناً.
ويسكن هو وأهل بيته الرحبة، والرحبة انما كانت مسكن نوح وهي أرض طيبة ولا يسكن رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله) ولا يقتل الا بأرض طيّبة زاكية، فهم الأوصياء الطيّبون»(١٨٠).
وأنه ليكثر فيها الخيرات والبركات حتى تمطر السماء فيها ذهباً، كما تلاحظه في الحديث الصادقي:
«وتمطر السماء بها جراداً من ذهب»(١٨١).
هذا، مضافاً الى مرغوبية نفس الكوفة في حدّ ذاتها، كما تلاحظها في احاديث فضلها وعظيم منزلتها(١٨٢).
وأنه يكون مسجدها اكبر مسجد في العالم، حتى يُبنى مسجدها الأعظم ويكون له الف باب(١٨٣).
ولا بأس بالمناسبة بيان ما لهذا المسجد من فضل عظيم وشرف كبير:
١ - ففي حديث أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
«مسجد كوفان روضة من رياض الجنّة، صلّى فيه ألف نبيّ وسبعون نبيّاً وميمنته رحمة، وميسرته مكرمة.
فيه عصا موسى، وشجرة يقطين، وخاتم سليمان، ومنه فار التنّور ونجرت السفينة، وهي صرة بابل(١٨٤) ومجمع الأنبياء»(١٨٥).
٢ - وفي حديث الأصبغ بن نباتة، قال: بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة، إذ قال:
«يا أهل الكوفة! لقد حباكم الله عزّ وجلّ بما لم يَحْبُ به أحداً. ففضّل مصلاّكم وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلّى إبراهيم الخليل، ومصلّى أخي الخضر (عليهم السلام)، ومصلاّي.
وإنّ مسجدكم هذا أحدٌ الأربع المساجد التي اختارها الله عزّ وجلّ لأهلها، وكأنّي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم، يشفع لأهله ولمن صلّى فيه، فلا تُردّ شفاعته، ولا تذهب الأيّام حتّى ينصب الحجر الأسود فيه(١٨٦).
وليأتينَّ عليه زمان يكون مصلّى المهدي من ولدي، ومصلّى كلّ مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلاّ كان به أو حنّ قلبه إليه.
فلا تهجرنّ، وتقرّبوا الى الله عزّ وجلّ بالصلاة فيه، وارغبوا اليه في قضاء حوائجكم. فلو يعلم الناس ما فيه من البركة، لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج»(١٨٧).
٣ - وفي حديث عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«يا ابن مسعود، لما اُسري بي الى السماء الدنيا، أراني مسجد كوفان، فقلت: يا جبرئيل، ما هذا؟
قال: مسجد مبارك، كثير الخير، عظيم البركة. اختار الله لأهله، وهو يشفع لهم يوم القيامة»(١٨٨).
٤ - وفي حديث محمد بن سنان، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:
«الصلاة في مسجد الكوفة فرادى أفضل من سبعين صلاة في غير جماعة»(١٨٩).
٥ - وفي حديث المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
«صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد»(١٩٠).
وأما مسجد السهلة بالكوفة، فهو أيضاً من المساجد العظمى، ذات الفضيلة الكبرى:
١ - ففي حديث أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي:
«يا أبا محمد، كأني أرى نزول القائم (عليه السلام) في مسجد السهلة بأهله وعياله.
قلت: يكون منزله جعلت فداك؟
قال: نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمان، وما بعث الله نبيّاً إلاّ وقد صلّى فيه، وفيه مسكن الخضر.
والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحنّ إليه، وفيه صخرة فيها صورة كلّ نبي.
وما صلّى فيه أحد فدعا الله بنيّة صادقة إلاّ صرفه الله بقضاء حاجته.
وما من أحد استجاره الاّ أجاره الله مما يخاف.
قلت: هذا لهو الفضل.
قال: نزيدك؟
قلت: نعم.
قال: هو من البقاع التي احبّ الله أن تدعى فيها، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة تزور هذا المسجد، يعبدون الله فيه. أما إنّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه.
يا أبا محمد، وما لم أصف أكثر.
قلت: جعلت فداك، لا يزال القائم فيه أبداً؟
قال: نعم.
قلت: فمن بعده؟
قال: هكذا من بعده الى انقضاء الخلق(١٩١).
٢ - وفي حديث العلاء، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«تصلّي في المسجد الذي عندكم الذي تسمّونه مسجد السهلة، ونحن نسميه مسجد الشرى؟
قلت: إنّي لأصلي فيه جعلت فداك.
قال: ائته، فانّه لم يأته مكروب إلاّ فرّج الله كربته، أو قال: قضى حاجته، وفيه زبرجدة فيها صورة كلّ نبيّ وكلّ وصي»(١٩٢).
٣ - وفي حديث الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: أيُّ بقاع الله أفضل، بعد حرم الله جلّ وعزّ، وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: «الكوفة يا أبابكر. هي الزكيّة الطاهرة؛ فيها قبور النبيّين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين.
وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيّاً إلاّ وقد صلّى فيه، ومنه يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده، وهي منازل النبيّين والأوصياء والصالحين»(١٩٣).
وفي هذا المسجد المبارك دعا الامام الصادق (عليه السلام) لخلاص المرأة الصالحة في حديث بشار المكاري المعروف(١٩٤).
وفي هذا المسجد حصلت التشرفات الشريفة للأولياء والمؤمنين، وعباد الله الصالحين.
فبانتظار ذلك اليوم الزاهر، والعصر المشرق، والحياة الذهبيّة، مع المراقى المعنويّة، تحت ظل الامام المنتظر الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا فداه، أمل المؤمنين.

الفصل الثالث: دولة الامام المهدي (عليه السلام)

هي هي دولة الله تعالى، ودولة أهل البيت (عليهم السلام)، والدولة الكريمة، والدولة الشريفة، ودولة الحق، كما جاء تسميتها بها في الأحاديث المباركة.
ففي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«فأين دولة الله؟ اما هو قائم واحد»(١٩٥).
وفي الحديث الآخر عنه (عليه السلام):
«ودولتنا في آخر الدهر تظهر»(١٩٦).
وفي دعاء الافتتاح الشريف كما في الحديث أيضاً:
«اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة»(١٩٧).
وفي الزيارة المباركة للإمام المهدي (عليه السلام):
«السلام عليك ايها المؤمّل لإحياء الدولة الشريفة»(١٩٨).
وفي حديث توصيف أصحابه (عليه السلام):
«منتظرون لدولة الحق»(١٩٩).
وبدراستها تعرف أنها دولة السماء في الأرض، وأفضل دول العالم، منذ خلق الله تعالى آدم (عليه السلام).
في هذه الدولة يتبدل الخوف الى الأمن، والفقر الى الغنى، والحزن الى السرور، والجحيم الى النعيم، والظلم الى العدل، والجهل الى العلم، والفساد الى الصلاح، والضعف الى القوّة، والذبول الى النضارة، ويكون فيها كل الخيرات، والخيرات كلها.
وما أجمل ما جاء من وصفها في الحديث:
«وفي أيام دولته تطيب الدنيا وأهلها»(٢٠٠).
طيباً لا كدر فيه، وصلاحاً لا فساد فيه، وسَعداً لا نحس فيه.
فهي الحَريّة بأن يكون عصرها أفضل العصور، عصر النور، عصر العلم، عصر القدرة، عصر السعادة، عصر السلامة، عصر المعجزات، عصر الخير، وخير عصر.
وفي الحديث:
«يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً»(٢٠١).
كل ذلك ببركة دولة الامام المهدي (عليه السلام) في قيادته الالهية الحكيمة. تلك القيادة التي يهيمن بها من عاصمته العصماء، على جميع الاماكن والأرجاء؛ هيمنةً تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته.
ففي حديث أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر، رفع الله تبارك وتعالى له كلَّ منخفض من الأرض، وخفّض له كلَّ مرتفع، حتّى تكون الدُّنيا عنده بمنزلة راحته، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها»(٢٠٢).
وفي حديث آخر:
«يُنصب له عمودٌ من نور من الأرض الى السماء فيرى فيه اعمال العباد، وأن له علوماً مذخورة تحت بلاطة في اهرام مصر، لا يصل إليها أحدٌ قبله»(٢٠٣).
وفي الحديث الآخر:
«إن الدنيا تتمثل للامام مثل فلقة الجوز، فلا يعزب عنه منها شيء، وانه يتناولها من اطرافها كما يتناول احدكم من فوق مائدته ما يشاء»(٢٠٤).
وفي الحديث العلوي قال:
«قد أعطانا ربّنا عزّ وجلّ علمنا للاسم الأعظم الّذي لو شئنا خرقت السماوات والأرض والجنّة والنّار، ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرّب ونشرّق، وننتهي به إلى العرش فنجلس(٢٠٥) عليه بين يدي الله عزّ وجلّ، ويطيعنا كلّ شيء، حتّى السماوات، والأرض، والشمس والقمر، والنجوم، والجبال، والشجر، والدّوابّ، والبحار، والجنّة، والنار؛ أعطانا الله ذلك كلّه بالاسم الاعظم الّذي علّمنا وخصّنا به.
ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق، ونعمل هذه الاشياء بأمر ربنّا، ونحن عباد الله المكرمون الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون»(٢٠٦).
فقيادة هذه الدولة، يمدها رب الأرض والسماء بأفضل ما كان يمدّ به الاولياء في ولايتهم التكوينية وقدرتهم الربّانية.
ولا شك أن الله تعالى قادر على شيء، وتنفذ قدرته في كل شيء.
وَهَب يسيراً من قدرته لسليمان بن داود (عليهما السلام)، فسخّر بها المخلوقات.
وأعطى حرفاً من اسمه الأعظم لآصف بن برخيا، فأتى بعرش بلقيس من سبأ بلمح البصر.
وستعرف من خلال الأحاديث الشريفة الآتية أن دولة الامام المهدي (عليه السلام) الربانيّة العالميّة أعظم وأعظم من دولة نبي الله سليمان (عليه السلام)، ومن مُلكِ ذي القرنين.
فدولة النبي سليمان (عليه السلام) شملت فلسطين وبلاد الشام، ولم تشمل مصر وأفريقيا، ولم تتجاوز الى الهند والصين(٢٠٧).
بينما دولة الامام المهدي (عليه السلام) تشمل جميع مناطق العالم، بل تنفتح على العوالم الأخرى.
كما وان مدة دولة النبي سليمان (عليه السلام) كانت نحو نصف قرن فقط، ثم وقع الانحراف بعد وفاته، وتمزّقت الدولة، ووقعت المعركة بين مملكتي القدس ونابلس(٢٠٨).
بينما دولة الامام المهدي (عليه السلام) مستمرة الى آخر الدنيا، ولا دولة بعدها أبدا.
وكذا ذوالقرنين الذي آتاه الله الملك، وبلغ مطلع الشمس ومغربها من الأرض، ولكن لم يتوصل الى السماء.
بينما الامام المهدي (عليه السلام) تُسخّر له السماوات والارضون.
ففي حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«أما إن ذا القرنين قد خُيّر بين السحابين فاختار الذلول، وذخر لصاحبكم الصعب.
قال: قلت: وما الصعب؟
قال (عليه السلام): ما كان فيه رعد وصاعقة وبرق، فصاحبكم يركبه.
أما إنه سيركب السحاب، ويرقى في الأسباب، أسباب السماوات السبع، والأرضين السبع»(٢٠٩).
فالإمام المهدي (عليه السلام) منحه الله تعالى ما فوق ذلك، وخصّه بأعظم ما هنالك من الاعجازات الالهيّة، والقدرات الربانيّة التي ما كان ولم يكن لها مثيلٌ ونظير... متعنا الله تعالى بدولته وأقرَّ عيوننا بطلعته.
وينبغي أن نشير الى غيض من فيض ملامح تلك الدولة السامية في الصحائف التالية:
١ - نظامُ الدّولة
نظام دولة الامام المهدي (عليه السلام) نظام فريدٌ في نوعه، قِمّةٌ في سموّه، موفّق في جميع المجالات، متقّنٌ في كافّة المهمات.
نظام يقوده إمام معصوم، لا زلل فيه ولا خطل، متصلٌ بربّ السماء، ومُلهم بأصح الآراء، يؤيّده روح القدس والروح الأمين، ويُرافقه ملائكة الله المقرّبين.
نظامٌ لا مثيل له، بل هو خلافة الله في أرضه، وحكومة الله في خلقه، عظيمٌ كعظمة السماء، وثابت كثُبات الأرض، في أتمّ التقدير وأكمل التدبير.
وذلك لأنه النظام الالهي الأمثل، الذي نظّمه الله الحكيم الذي أتقن كل شيء صُنعَه، وعرف ما يُصلح خلقَه، ورسمه له الله الخبير الذي أحاط بكل شيء علماً، ونفذ في كل شيء قدرةً وحُكماً.
ويكفيك دليلاً على إتقان هذا النظام وصدوره من الله العلاّم، أحاديث ربّانيّة علم الامام وبيان ما رسمه الله له من المهام، وروايات دولته، ونصوص الوصية الواصلة اليه من جدّه، مثل: حديث الامام الصادق (عليه السلام) قال:
«إنّ الله عزّ وجلّ أنزل على نبيّه (صلى الله عليه وآله) كتاباً قبل وفاته، فقال: يا محمّد! هذه وصيّتك إلى النجبة من أهلك.
قال: وما النجبة يا جبرئيل؟
فقال: عليٌ بن أبي طالب وولده (عليهم السلام)، وكان علي الكتاب خواتيم من ذهب.
فدفعه النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأمره أن يفكَّ خاتماً منه ويعمل بما فيه.
ففكَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) خاتماً وعمل بما فيه.
ثمَّ دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السلام)، ففكَ خاتماً وعمل بما فيه.
ثمَّ دفعه إلى الحسين (عليه السلام)، ففكّ خاتماً(٢١٠) فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلاّ معك، وإشْرِ نفسك (أي بعها) لله عزّ وجلّ، ففعل.
ثمَّ دفعه إلى عليّ بن الحسين (عليه السلام)، ففكَّ خاتماً فوجد فيه أن اطرق، واصمت وألزم منزلك، واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين، ففعل.
ثمَّ دفعه إلى محمّد بن عليّ (عليه السلام) ففكَّ خاتماً فوجد فيه: حدِّث الناس وافتهم ولا تخافنَّ إلاّ الله عزَّ وجلَّ، فإنَّه لا سبيل لأحد عليك [ففعل].
ثمَّ دفعه إلى ابنه جعفر، ففكَّ خاتماً فوجد فيه: حدِّث الناس وافتهم، وانشر علوم أهل بيتك، وصدِّق آبائك الصالحين، ولا تخافنَّ الله عزَّ وجلَّ، وأنت في حرز وأمان، ففعل.
ثمَّ دفعه إلى ابنه موسى، وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده، ثمَّ كذلك إلى قيام المهدي صلّى الله عليه»(٢١١).
وأضاف في الحديث الرابع من الباب:
فقلت لأبي الحسن (عليه السلام): بأبي أنت وامّي، ألا تذكُر ما كان في الوصيّة؟
فقال:
«سنن الله وسنن رسوله.
فقلت: أكان في الوصيّة توثبهم(٢١٢) وخلافهم على أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
فقال: نعم، والله شيئاً شيئاً وحرفاً حرفاً.
أما سمعت قول الله عزّ وجلّ: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين)(٢١٣)؟»(٢١٤).
وهذا كتاب دستوري كامل للامام المعصوم في أعماله، وأقواله، وافعاله، وسيرته وفي نظام دولته.
مضافاً الى عمود النور الالهي الذي به يسمع الامام (عليه السلام) ويرى ما يحتاج اليه من أمور عوالمه، مما تلاحظه في أحاديثه مثل أحاديث البصائر:
١ - اسحاق الحريري(٢١٥)، قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعته وهو يقول:
«انّ لله عموداً من نور، حجبه الله عن جميع الخلايق. طرفه عند الله، وطرفه الاخر في اذن الامام، فاذا أراد الله شيئاً اوحاه في اذن الامام»(٢١٦).
٢ - الحسن بن العبّاس بن جريش عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«... نور كهيئة العين على رأس النبي (صلى الله عليه وآله) والاوصياء، لا يريد احد منّا علم امر من امر الارض، أو امر من امر السّماء الى الحجب الّتي بين الله وبين العرش، الاّ رفع طرفه الى ذلك النّور، فرأى تفسير الّذي أراد فيه مكتوباً»(٢١٧).
٣ - اسحاق القمّي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، ما قدر الامام؟
قال: «يسمع في بطن امّه، فاذا وصل الى الأرض كان على منكبة الايمن مكتوباً: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٢١٨).
ثمّ يبعث ايضاً له عموداً من نور تحت بطنان العرش الى الارض، يرى فيه اعمال الخلايق كلّها.
ثمّ يتشعّب له عمود آخر من عند الله الى اذن الامام كلّما احتاج الى مزيد افرغ فيه افراغاً»(٢١٩).
وعليه فالقانون الأساسي والنظام الحكومي لدولة الامام المهدي (عليه السلام)، قانون ونظام الهي حكيم خالص، فيه امور جميع أرجاء الكون ومجالات الحياة.
وقد عرفت من آيات البشائر المتقدمة أنه مبنيٌ على عظيم النعم والتمكّن الآتم، حيث قال عز اسمه: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ)(٢٢٠) والمنّة هي النعمة العظيمة.
وقال عز من قائل: (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ...)(٢٢١).
فتكون الحياة في دولته الشريفة هي الحياة الطيبة، حياة الجنّة، وعيشة السعادة، بنظام الله وتدبيره، وببركة قيادة الامام المهدي (عليه السلام) الذي وجوده لطفٌ، وتصرفه لطف آخر.
ولا عجب في ذلك فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) «مساكن بركة الله»، كما في الزيارة الجامعة، أي محل استقرار البركة التي هي كثرة النعمة والخير والكرم، وزيادة التشريف والكرامة، والنماء والسعادة.
وفي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«نحن أهل البيت الرحمة، وبيت النعمة، وبيت البركة»(٢٢٢).
بارك الله تعالى في كل ما يخصهم ويختص بهم، والشواهد ظاهرة باهرة.
٢ - قضاء الدولة
لا شكّ أن من أهم الأسس التي تفصل الحق عن الباطل، وتعيّن مصير الامة في سعادتها أو شقاءها هي مسألة القضاء، والأحكام القضائيّة.
فهي التي إن حقّت سَعُدت الامة، وإن بطلت شقيت الأمّة، وآل أمرها إلى البوار والدمار.
لذلك أهتمّ الشارع المقدّس جدّاً بقضاء العدل، وزجر أكيداً عن قضاء الجور.
قانه بالعدل قامت السماوات والأرض.
وفي الأحاديث الشريفة عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
«العدل ميزان الله الذي وضعه في الخلق، ونصبه لإقامة الحق»(٢٢٣).
«العدل يصلح الرعيّة»(٢٢٤).
«ما عمّرت البلدان بمثل العدل»(٢٢٥).
وعن الامام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى:
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الارْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)(٢٢٦).
قال (عليه السلام): «العدل بعد الجور»(٢٢٧).
وعن الامام الرضا (عليه السلام):
«استعمال العدل والاحسان، مؤذنٌ بدوام النعمة»(٢٢٨).
فبالقضاء العدل يصل كل ذي حقّ إلى حقّه.
وبالقضاء العدل يرتدع الظالم عن ظلمه.
وبالقضاء العدل يستساغ العيش، وتطيب الحياة، ويسعد الانسان.
وقضاء دوله الامام المهدي (عليه السلام)، قضاءٌ عادل حق، ومصيبٌ كبد الحقيقة. فانه (عليه السلام) يقضي ويحكم بعلم الامامة، وبما يلهمه الله تعالى، المطلع على الحقائق والضمائر، والواقف على جميع الافعال في الظواهر والسرائر.
ومن الثابت انه (عليه السلام) يقضي بعلمه الالهي وتوسّمه الربّاني. فيعطي كلَّ نفس حقها من غير حاجة الى انتظار شهادة الشهود أو وسائل الاثبات.
ومن الواضح في حكمة الحكم، أنه (عليه السلام) حيث يريد أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويقضي على كل ظلم وجور، ويأخذ حق المظلوم من الظالم لا يُتوقّع منه، بل لا يناسبه أن ينتظر حتى يرفع المظلوم إليه شكواه ويقدم له دعواه، أو يأتي الشهود ليشهدوا بحق مجحود.
ولعلّ هناك من لا يستطيع إثبات حقه، أو يعجز عن ردّ ظالمه. بل من تمام الحكمة أن يحكم هو بما أراه الله تعالى بإلهامه، ونوّره بعلمه، ليطهّر جميع البلاد من لوث الظلم والفساد.
وقد أمدّه الله القدير بكفايته، وتولاّه برعايته، وأوضح له الحقّ الباهر كالصبح الزاهر.
بل أوضح ذلك ببركته (عليه السلام) لولاته، والقضاة المبعوثين من قِبَله ايضاً، كما يستفاد ذلك من الأحاديث المباركة.
ففي تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَات لِلْمُتَوَسِّمِينَ)(٢٢٩)، المفسّر بأهل البيت (عليهم السلام)(٢٣٠)، قد جاء في أحاديث تفسيره كيفية حكم الامام المهدي (عليه السلام).
ففي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«اذا قام قائم آل محمد (عليه السلام)، حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كلّ قوم ما استنبطوه، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم.
قال الله عزّ وجلّ: (إِنَّ فِي ذلِكَ لآيات لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيل مُّقِيم)(٢٣١).
وفي حديثه الآخر:
«اذا قام القائم (عليه السلام)، لم يقم بين يديه أحد من خلق الرّحمن إلاّ عرفه، صالح هو أو(٢٣٢) طالح، و[لأنّ](٢٣٣) فيه آية للمتوسّمين، وهي السّبيل(٢٣٤) المقيم»(٢٣٥).
وفي النهج الشريف:
«فيريكم كيف عدل السيرة، ويحي ميّت الكتاب والسنّة»(٢٣٦)،(٢٣٧).
وفي الحديث الآخر:
«لا يذهب الدنيا حتى يخرج رجل منّي، يحكم بحكومة آل داود؛ لا يسأل عن بيّنة، يعطى كل نفس حكمها»(٢٣٨).
وفي الحديث الآخر:
«وانما سمي المهدي مهديّاً لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ.
ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عزّ وجلّ من غار بأنطاكية.
ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الانجيل بالإنجيل، وبين أهل الزَّبور بالزَّبور، وبين أهل القرآن بالقرآن.
وتجمع إليه أموال الدُّنيا من بطن الأرض وظهرها.
فيقول النّاس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام، وسفكتم فيه الدِّماء الحرام، وركبتم فيه ما حرَّم الله عزَّ وجلَّ.
فيعطي شيئاً لم يعطه أحدٌ كان قبله، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً، كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً(٢٣٩).
وفي الحديث الآخر:
«اذا قام القائم، بعث في أقاليم الأرض، في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفّك، فاذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر الى كفّك واعمل بما فيها»(٢٤٠).
ولا يخفى أنه لا تخالف بين هذا القضاء وبين قضاء الاسلام، لأنه من القضاء بالعلم الذي هو من صميم الدين، ومن الحكم بالحق.
قال تعالى: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الاَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ)(٢٤١).
فيكون قضاءه (عليه السلام) على هُدى سنّة الله تعالى وسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله).
لذلك أفاد في الجواهر بعد الاستدلال له بالكتاب والسنة:
«أن للإمام (عليه السلام) أن يقضي بعلمه مطلقاً، في حق الله، وحق الناس، بالإجماع.
بل للقاضي ذلك في حق الناس قطعاً، وفي حق الله على الأصح، بل الاجماع»(٢٤٢).
وقال أمين الاسلام الطبرسي:
«وإذا علم الامام أو الحاكم أمراً من الأمور، فعليه أن يحكم بعلمه، ولا يسأل البيّنة، وليس في هذا نسخٌ للشريعة....
لأن النسخ هو ما تأخر دليله على حكم المنسوخ ولم يكن مصاحباً له، واما إذا اصطحب الدليلان، فلا يكون أحدهما ناسخاً لصاحبه...»(٢٤٣).
ويوضح لنا ذلك حديث الامام العسكري (عليه السلام):
«فاذا قام يقضي بين الناس بعلمه، كقضاء داود (عليه السلام)»(٢٤٤).
٣ - ثقافةُ الدَولة
من الواضح أن أسمى ازدهار ايّ دولة وايّ اُمة، انما يكون بثقافتها وعلمها، وأعظم الحضارات في المجتمعات، هي الحضارة العلمية. فبالعلم حياتها وقوّتها، وبالحكمة ازدهارها ورقيّها.
وهذه الحضارة العلمية، والكيان الثقافي، تبلغ القمة، وتصل الى أعلى مرتبة في دولة الامام المهدي (عليه السلام)، حتى تكمل عقول العباد، ويُبلغ معالي السداد.
ففي الحديث الباقري (عليه السلام):
«اذا قام قائمنا، وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت بها أحلامهم»(٢٤٥).
وفي الحديث الشريف الآخر:
«وتؤتَون الحكمة في زمانه، حتى أن المرأة لتقضى في بيتها بكتاب الله تعالى وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)»(٢٤٦).
وما أعظمها من فضيلة وما اعلاها من مرتبة، إيتاء الحكمة، ثم عموم الحكمة حتى الى المخدرات في بيوتها.
وقد فسرت الحكمة في اللغة بانها هي:
«العلم الذي يرفع الانسان ويمنعه عن فعل القبيح»(٢٤٧).
وعرفت في كلمات علماءنا بانها هي:
«العلوم الحقيقية الالهية»(٢٤٨).
(وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).
تلك الحكمة التي آتاها الله صفوة عباده الصالحين.
فقال عز اسمه فيما اقتص عن اولياءه المقربين:
(فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)(٢٤٩).
(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)(٢٥٠).
وقال تعالى عن النبي سليمان (عليه السلام):
(وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)(٢٥١).
فتمتاز دولة الإمام المهدي (عليه السلام) على الصعيد الثقافي بمنح فضيلة الحكمة لجميع أفراد الاُمّة.
والقرآن الكريم الذي مصدر النور والهدى، تعرفه الاُمة الاسلامية آنذاك حق المعرفة وبالمعرفة الحقّة.
ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
«كأنّي أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة، قد ضربوا الفساطيط، يعلّمون الناس القرآن كما اُنزل»(٢٥٢).
وفي ظلّ الامام المهدي (عليه السلام) يستضيء المؤمنون بنور العلم الأكمل، ويُعطون العرفان الأفضل.
ففي حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«العلم سبعة وعشرون حرفاً. فجميع ما جاءت به الرُّسل حرفان، فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الحرفين.
فاذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثّها في الناس، وضمَّ إليها الحرفين. حتّى يبثّها سبعة وعشرين حرفاً»(٢٥٣).
وتعرف من هذا الحديث الشريف أن نسبة العلوم التي ظهرت للناس منذ زمن سيدنا آدم (عليه السلام) الى الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) هي نسبة حرفين الى سبعة وعشرين حرفاً - بالرغم من كثرتها وفُرتها، وتكامل البشر بها.
فما ظنّك بالخمسة والعشرين جزءاً الباقية الى تلك الدولة الزاكية.
وهذا أرقى مستوى العلم يكون في دولته الكريمة، وقيادته الحكيمة.
ولا غرو في ذلك بعد تلك القابلية العقلية والكمال العقلي.
فيقذف ويُلقى نور العلم في قلوب المؤمنين، كما تلاحظه في خطبة المخزون لأمير المؤمنين (عليه السلام) التي جاء فيها:
«ويسير الصدِّيق الأكبر براية الهدى، والسيف ذي الفقار، واِلمخصرة(٢٥٤) حتّى ينزل أرض الهجرة مرَّتين وهي الكوفة.
فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها وتتزيّن لأهلها، وتأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم، ويُقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم.
فيومئذ تأويل هذه الآية: (يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِن سَعَتِهِ)(٢٥٥)»(٢٥٦).
ولا عجب في هذا القذف العلمي من أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم مظاهر القدرة الالهيّة والكرامة الربّانيّة، كما تلاحظ نظائره في موارده.
مثل القذف والالقاء، في قضية زاذان ابو عمرو الفارسي في حديث سعد الخفاف، عن زاذان أبي عمرو، قال: قلت له: يا زاذان، إنّك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته؛ فعلى من قرأت؟
قال: فتبسّم ثمّ قال: إنّ أمير المؤمنين مرَّ بي وأنا أنشد الشعر، وكان لي خلق حسن. فأعجبه صوتي، فقال:
«يا زاذان! فهلاّ بالقرآن؟
قلت: يا أمير المؤمنين، وكيف لي بالقرآن؟ فوالله ما أقرأ منه إلاّ بقدر ما اُصلّي به.
قال: فادنُ منّي.
فدنوت منه، فتكلّم في اُذني بكلام ما عرفته ولا علمت ما يقول.
ثمّ قال: افتح فاك، فتفل في فيَّ، فوالله ما زالت قدميّ من عنده حتّى حفظت القرآن باعرابه وهمزه، وما احتجت أن أسأل عنه أحدً بعد موقفي ذلك.
قال سعد: فقصصت قصّة زاذان على أبي جعفر (عليه السلام)، قال: صدق زاذان؛ إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دعا لزاذان بالاسم الأعظم الّذي لا يردّ»(٢٥٧).
فالقرآن الكريم ومعالم أهل البيت (عليهم السلام) الطيّبين تعمّان تلك الدولة الحقّة بالعلم والحكمة.
وتفتحان له الحياة العلمية الزاهرة، في ظلال سليل العترة الطاهرة الامام المهدي صلوات الله عليه.
فإذا زهى العلم وزال الجهل، واقترنت الحياة بهدى كلام الله وأهل البيت كانت السعادة العظمى في الآخرة والدنيا.
٤ - اقتصادُ الدَّولة
لا شك أن من أهم العروق الحيوية للتعايش، هو الجانب الاقتصادي بجميع انحاءه، من التجارة، والصناعة، والمصادر المالية.
وهي بمعناها الصحيح، ومستواها الرفيع، ومحتواها الخالي عن المشاكل والمستجمع للفضائل، لا تكون الا في دولة الامام المهدي (عليه السلام)، كما تُفصح عنها الأحاديث الشريفة.
ففي حديث أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال:
«أبشركم بالمهدي يُبْعَثُ في اُمَّتِي عَلَى اختِلاف مِنَ النَّاس وزِلْزَال، فَيَمْلاُ الأَرْضَ قِسْطاً وعَدلاً كَمَا مَلِئَتْ جَوْراً وظُلْماً. يَرضَى عَنْهُ ساكِنُ السَّمَاءِ وسَاكِنُ الأَرْضِ. يَقسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً.
فقال له رجلٌ: ما صِحَاحاً؟
قال: بالسَّوِيَّةِ بين النَّاسِ، قال:
«ويَمْلاُ الله قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّد غنىً ويَسَعُهُمْ عَدْلُهُ، حَتّى يَأْمُرَ مُنَادِياً، فَيُنَادِي فَيَقُولُ: مَنْ لَهُ في الْمَالِ حاجَةٌ؟
فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إلاّ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَيَقُولُ: أَنَا.
فَيُقَالُ لَهُ: إِيتِ السَّادِن (يَعْنِي الْخَازِنَ) فَقُل لَهُ: إنَّ الْمَهدِيَ يَأْمُرُكَ أنْ تُعطِيَني مَالاً.
فَيَقُولُ لَهُ: احْثُ. فَيَحْثِي، حَتَّى إذَا جَعله في حِجره وأبرزه في حجره ندم، فيقول: كنتُ أجشع اُمة محمد نفساً، أوَ عجز عنّي ما وسعهم، فيردّه فلا يُقبل منه.
فيقال له: انا لا نأخذ شيئاً أعطيناه.
وفي حديثه الآخر: ويُطاف بالمال في أهل الحِواء (أي البيوت المجتمعة من الناس)، فلا يوجد أحدٌ يقبله»(٢٥٨).
وهذه الأحاديث الشريفة ترشدنا الى أعظم غناء اقتصادي رشيد في ذلك المجتمع البشري السعيد.
غناءٌ في كلا الجانبين الدولة والاُمّة.
ثراءٌ في الدولة بحيث تسع خزانتها لحاجات جميع الامة. وثراء في الامة بحيث لا يحتاج منهم أحدٌ الى أموال الدولة.
وهذا لم يسبق له مثيل ونظير، في جميع الازمنة والعصور.
٥ - زراعةُ الدَّولة
لا ريب في أن من أعظم اركان الحياة في كل ذي روح وحياة، هي أقواته ومآكله في غذاءه ودواءه، في سفره وحضره، وفي صغره وكبره.
ومن المعلوم أنها لا تحصل الا من الحقل الزراعي والنماء الأرضي، الذي يشكّل أعظم جانب من غذاء الانسان ورخاءه، الى جانب مصادر مالِه وثروته.
وهذا الحقل الحياتي ان تحسّن حسنت الحياة وطاب العيش، وان تدهور - والعياذ بالله - ساءت الحياة وانكدر العيش، وعقّب القحط والشدة، وكانت ضحاياه الأرواح والأنفس.
والمستوى الأرقى لتحسّن الحقل الزراعي الطبيعي، لم يحصل بعدُ، ولم يكن الاّ في عهد دولة الامام المهدي (عليه السلام) المباركة.
حيث تبلغ فيها بركات الأرض والسماء الغاية والنهاية، ويعيش الناس فيها العيش الرغيد والسعيد.
ويكفينا لمعرفة ذلك، مراجعة الاحاديث الشريفة الواردة في هذا المقام، مثل:
١ - حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، قال:
«تُنْعَمُ اُمَّتي في زَمَن الْمَهْدِيِّ نِعْمَةً لَمْ يَتَنعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ؛ تُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً، ولاَ تَدَعُ الأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إلاّ أخْرَجتْهُ»(٢٥٩).
٢ - حديث أمير المؤمنين، قال:
«فيَبْعَثُ المهْدِيُّ (عليه السلام) اِلى أُمَرَائِهِ بسائرِ الأمْصارِ بالعَدْلِ بينَ النَّاسِ، ويذْهَب الشَّرُّ ويبْقَى الخيرُ، ويزْرِعُ الإنسانُ مُدّاً يخْرُج له سبْعمائة مُدٍّ، كما قال اللهُ تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَة مِاْئَةُ حَبَّة وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ)(٢٦٠)،(٢٦١).
٣ - حديث الاربعمائة، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
«بنا يفتح الله، وبنا يختم الله، وبنا يمحو ما يشاء وبنا يثبت، وبنا يدفع الله الزَّمان الكلِب، وبنا ينزِّل الغيث، فلا يغرَّنّكم بالله الغرور.
ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عزَّ وجلَّ، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام، لا تضع قدميها إلاّ على النّبات، وعلى رأسها زبّيلها، لا يهيّجها سبع ولا تخافه».
وهذه الروايات الشريفة تعطينا بوضوح بلوغ النماء الزراعي الى أقصى قمته الزاهرة، في تلك الدولة المظفرة.
٦ - حضارةُ الدَّولة
من الواضح أن للدولة دوراً كبيراً وتأثيراً بالغاً في بناء الأمّة وصياغة المجتمع.
فإذا توصلت الدولة الى الحضارة الصالحة، صلحت الأمة وارتقى المجتمع الى التمدّن الصالح.
وقد عرفت أن دولة الامام المهدي (عليه السلام) هي القمّة: في نظامها، وقضائها، وثقافتها، واقتصادها وزراعتها.... فتكون هي الوحيدة التي تبلغ أرقى الحضارات وأقوى الامكانيات التي لم يتوصل اليها تاريخ العالم.
حضارةٌ مُثلى، يمنحها ربُّ السماوات العُلى، ويرعاها بقيّة الله العظمى.
حضارة السماء في الأرض.
حضارة بريئة من كل شين ورين.
الحضارة التي كان يرضاها الله تعالى لأمة الرسول، والتي نطقت بها الزهراء البتول (عليها السلام) في احتجاجها على نساء المهاجرين والأنصار، حيث قالت سلام الله عليها:
«ما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا والله منه شدّة وطأته ونكال وقعته...
وأيمُ الله لو تكافوا عن زمام نبذه اليه رسول الله لأعتقله، ثمّ سار بهم سيراً سجحا، لا يكلم حشاشه، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلاً رويّاً، صافياً، فضفاضاً، تطفح ضفّتاه.
ثم لأصدرهم بطاناً بغمرة الشارب، وشبعة الساغب، ولا تفتحت عليهم بركاتٌ من السماء والأرض.
ولكنهم بَغَوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون»(٢٦٢).
وفي خطبة الامام الحسن المجتبى (عليه السلام):
«واقسم بالله لو ان الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها...»(٢٦٣).
فتقدّم الحضارة في جميع موافق الحياة في دولة صاحب الأمر (عليه السلام) هي المزية الخاصة بها، دون جميع الأدوار المارّة على الكرة الأرضيّة.
هذا الى جانب تفتّحهم على جميع مخلوقات الأرض كما في حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين، ليس شيءٌ الا وهو مطيع لهم، حتى سباع الأرض، وسباع الطير، تطلب رضاهم، وكل شيء.
حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول: مَرَّبى اليوم رجلٌ من أصحاب القائم»(٢٦٤).
بل تفتحهم وتوصّلهم الى طرق السماء كما تقدم في حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«... أما إنه سيركب السحاب، ويرقى في الاسباب، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع»(٢٦٥).
فما أسعدها من حياة طيّبة، وحضارة سامية.
يعقبها سعادة الآخرة، ونعيم الجنّة.
٧ - تكاملُ الدَّولة
من المكارم الخاصة بدولة الامام الحجة (عليه السلام) التكامل الأبهى في كلا المجالين الروحي والبدني.
فمضافاً الى الكمال الروحي في ذلك العصر بالنفوس الزاكية والمعنويّات الراقية، والشخصيّات المتشبّعة بالعلم والحكمة.
كما في الحديث المتقدم عن الامام الباقر (عليه السلام):
(اذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت بها أحلامهم)(٢٦٦).
مضافاً الى ذلك يتحقق التكامل العضوي، والسلامة البدنية، الى أقصى حدّ وغاية.
بحيث ينالون أزهى الجمال، وأنور المثال، كما تلاحظه في الاحاديث المتظافرة عن العترة الطاهرة (عليهم السلام)، من ذلك:
١ - حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصف الامام المهدي (عليه السلام)، جاء فيه:
«يا اُبيُّ! طوبى لمن لقيه، وطوبى لمن أحبّه، وطوبى لمن قال به. ينجّيهم من الهلكة.
وبالاقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة، يفتح الله لهم الجنّة.
مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً.
ومثلهم في السّماء كمثل القمر المنير الّذي لا يطفأ نوره أبداً»(٢٦٧).
٢ - حديث الامام السجاد (عليه السلام)، قال:
«إذا قام قائمنا، أذهب الله عزّ وجلّ عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوَّة الرَّجل منهم قوَّة أربعين رجلاً، ويكونون حكّام الأرض وسنامها»(٢٦٨).
٣ - حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«فاذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا، كان الرَّجل من شيعتنا أجرأ من ليث وأمضى من سنان، يطأ عدوَّنا برجليه ويضربه بكفّيه، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد»(٢٦٩).
٤ - حديث الامام الصادق (عليه السلام):
«إنَّ قائمنا إذا قام، مدَّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتّى [لا] يكون بينهم وبين القائم بريد(٢٧٠)؛ يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه»(٢٧١).
٥ - حديث الامام الباقر (عليه السلام):
«... ولا يبقى على وجه الأرض اعمى، ولا مقعد، ولا مبتلى، الا كشف الله عنه بلاؤه بنا أهل البيت.
ولتنزلن البركة من السماء إلى الأرض، حتى ان الشجرة لتقصف مما يزيد الله فيه من الثمرة، ولتؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء.
وذلك قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَات مِنَ السَّماءِ وَالاَرْضِ وَلكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(٢٧٢)»(٢٧٣).
هذه جوانب موجزة من شؤون دولة الامام المهدي (عليه السلام) التي تعم خيرها جميع البلاد والعباد، ويسود أمنها جميع البقاع والاصقاع، ولا يدركها ذو عاهة الا برئ ولا ذو ضعف الا قوي، ويظهر فيها أرقى العمران، وتتجلى فيها كرامة الانسان.
كرامةً لا يرافقها مشكلة، ولا ينغّصها معضلة؛
كرامةً تدعمها المعنويات، وتساندها أسمى الدرجات؛
كرامةً في رفاه كامل، وعيش فاضل، وعُمر مديد، وفكر سديد.
٨ - حياةُ الدَّولة
من مختصات دولة الامام المهدي (عليه السلام) المظفّرة أنها آخر الدّوَل، وباقية الدّوَل الى آخر الدنيا.
فيردف الله تعالى مع الكرم كرماً ومع الفضل فضلاً، فتدوم هذه الدولة الكريمة بالرجعة العظيمة رجعة أهل البيت (عليهم السلام) الى الدنيا، وتبقى الى مئات السنين وآلاف السنوات، والى ما قدّر الله تعالى في الدنيا من الحياة.
ففي الحديث القدسي الشريف:
«ولاُملكنّه مشارق الأرض ومغاربها، ولاسخرنّ له الرياح، ولاُذلّلنَّ له الرِّقاب الصعاب، ولاُرقينّه في الأسباب، ولأنصرنّه بجندي، ولاُمدَّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي. ثمَّ لاُديمنَّ مُلكه ولاُداولنَّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة»(٢٧٤).
فداوم مُلكه وبقاء دولته يكون الى يوم القيامة - بوجوده أوّلاً، ثمّ بالأئمة الطاهرين (عليهم السلام) الراجعين الى الدنيا من بعده.
وهنا سؤالٌ يُطرح كثيراً وهو أنه كم يملك وكم سنة يحكم الامام المهدي (عليه السلام) في دولته؟
الجواب: أن الأحاديث الواردة في المقام مختلفة.
فبعضها تحدّد مدة حكومته (عليه السلام) بسبع سنين، وبعضها بتسع عشرة سنة وأشهراً، وبعضها بسبعين سنة(٢٧٥).
وقال الشيخ المفيد اعلى الله مقامه: - (قد رُوى أن مدة دولة القائم (عليه السلام) تسع عشرة سنة، يطول أيامها وشهورها)(٢٧٦).
لكن اختار السيد الاصفهاني القول بان ملكه (عليه السلام) ٣٠٩ سنة، استناداً الى حديث الفضل بن شاذان انه قال: حدثنا عبد الرحمن بن ابي نجران، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) انه قال:
«يملك المهدي ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف من كهفهم...)(٢٧٧).
ثم انه ترتعش الأنامل، وتفيض عيناي الدموع، لهول المصاب ومحنة الاكتئاب حين أنقل حديث الامام الصادق (عليه السلام) انه: إذا جاء الحجة الموت يكون الذي يغسّله، ويكفّنه، ويحنّطه، ويلحده في حفرته الحسين بن علي (عليهما السلام)، ولا يلي الوصيّ الا الوصيّ(٢٧٨)، فسلام عليه يوم وُلد إلى يوم يبعث حيّا.
وفي حديث الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) انه قال:
(لقد حدثني حبيبي جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منّا الا مقتول، أو مسموم)(٢٧٩).
فصلوات الله عليهم أجمعين، ولعن الله ظالِميهم وقاتليهم الى يوم الدين.
نعم.. يُصاب الناس بامامهم (عليه السلام) لكن تدوم دولته الحقّة الى يوم القيامة، يؤمّها بقيّة العترة الطاهرة في رجعتهم الزاهرة، التي ثبتت بالادلة القطعيّة، كما حررناها في كتابنا (محاضرات في الرجعة).
ونذكر هنا حديثاً واحداً في الختام، مسكاً نتبرك به، وكرامةً نأملها في رجعة المعصومين (عليهم السلام) ورجوع سيد الشهداء الحسين (عليه السلام).
وهو ما رواه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلي - تلميذ الشهيد الاول - في كتابه، قال:
رويت عن جعفر بن محمد، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، قال: حدثني أبو الفضل، عن ابن صدقة، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«كأني والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين (عليه السلام).
قال: قلت فيتراؤن لهم؟
قال: هيهات هيهات؛ لزماء والله المؤمنين، حتى انهم ليمسحون وجوههم بايديهم.
قال: وينزل الله على زوار الحسين (عليه السلام) غدوة وعشية من طعام الجنة، وخدامهم الملائكة.
ولا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا أعطاه اياها.
قال: قلت: هذه والله الكرامة.
قال المفضل: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ازيدك؟
قلت: نعم يا سيدي.
قال: كأني بسرير من نور قد وضع، وقد ضُربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر.
وكأني بالحسين (عليه السلام) جالساً على ذلك السرير وحوله تسعون الف قبة خضراء، وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه، فيقول الله عزّ وجلّ لهم:
اوليائي سلوني، فطال ما اوذيتم وذللتم واضطهدتم، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا قضيتها لكم.
فيكون اكلهم وشربهم من الجنة. فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها شيء»(٢٨٠).

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، وسلام على محمد وآل الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(١) سورة القصص، الآية ٥.
(٢) سورة النور، الآية ٥٥.
(٣) سورة الفتح، الآية ١.
(٤) سورة هود، الآية ٤٣.
(٥) الغيبة للشيخ الطوسي، ص ٢٦٢.
(٦) الغيبة للشيخ الطوسي النعماني، ص ٢٠٠، باب ١١، ح ١٦.
(٧) الظاهر أن الخطبة بضم الخاء، بمعنى ما يتقدم من الكلام المناسب قبل إظهار المطلوب.
(٨) اصول الكافي، ج ٢، ص ٢١، ح ١٠.
(٩) سورة هود، الآية ٦٣.
(١٠) سورة الاعراف، الآية ٧١.
(١١) كمال الدين، ص ٦٥٤، ب ٥٥، ح ٥.
(١٢) البحار، ج ٥٢، ص ١٢٢، ح ٧.
(١٣) سورة العنكبوت، الآية ٣.
(١٤) القيان: جمع قينة، الاماء المغنيّات.
(١٥) كمال الدين، ص ٥٣٥، ب ٤٧، ح ١.
(١٦) منتخب الأثر، ص ٤٢٦.
(١٧) روضة الكافي، ج ٨، ص ٣٦ - ٤٢؛ البحار، ج ٥٢، ص ٢٥٦، باب ٢٥، حديث ١٤٧.
(١٨) الارشاد، ج ٢، ص ٣٦٨؛ كمال الدين، ص ٣٣٠، باب ٣٢، حديث ١٦.
(١٩) الزام الناصب، ج ٢، ص ١٧٨.
(٢٠) كمال الدين، ص ٦٥٠، باب ٥٧، حديث ٧.
(٢١) الزام الناصب، ج ٢، ص ٢٠٠.
(٢٢) كمال الدين، ص ٦٥٠، باب ٥٧، حديث ٨.
(٢٣) البحار، ج ٥٢، ص ٢٩٠.
(٢٤) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٥٤، باب ١٤، حديث ١٣.
(٢٥) كمال الدين، ص ٦٥١، باب ٥٧، حديث ١٨٨.
(٢٦) الزام الناصب، ج ٢، ص ١٨٨.
(٢٧) البحار، ج ٥٣، ص ٢٤٨، حديث ١٣١ وص ٢٧٣، حديث ١٦٧.
(٢٨) الامام المهدي من المهد إلى الظهور، ص ٤٣٣.
(٢٩) مجمع البحرين، ص ١٩٨.
(٣٠) البحار، ج ٥٢، ص ٢٣٨، باب ٢٥، حديث ١٠٥.
(٣١) البحار، ج ٥٣، ص ١٠، باب ٢٥، حديث ١.
(٣٢) البحار، ج ٥٢، ص ٢٣٢، باب ٢٥، حديث ٩٦.
(٣٣) مهدى منتظر، ص ١٧٥.
(٣٤) بشارة الاسلام، ص ١٧٥.
(٣٥) البحار، ج ٥٢، ص ١٩٢، باب ٢٥، حديث ٢٤.
(٣٦) البحار، ج ٥٢، ص ٣٠٧، باب ٢٦، حديث ٨١.
(٣٧) كمال الدين، ص ٦٥٥، باب ٥٧، حديث ٢٥.
(٣٨) الملاحم والفتن للسيد ابن طاووس، ص ٧٧.
(٣٩) الزام الناصب، ج ٢، ص ٢٠٥.
(٤٠) البحار، ج ٥٣، ص ١٥.
(٤١) كمال الدين، ص ٦٥٥، ح ٢٥، ونحوه في الغيبة للشيخ الطوسي، ص ٢٧٠.
(٤٢) الزام الناصب، ج ٢، ص ١٥٩.
(٤٣) الارشاد، ج ٢، ص ٣٧٣.
(٤٤) كمال الدين، ص ٦٥٥، ب ٧٥، ح ٢٧.
(٤٥) كمال الدين، ص ٦٥٥، ب ٧٥، ح ٢٩.
(٤٦) سورة فصّلت، الآية ١٦.
(٤٧) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٦٩.
(٤٨) كما في حديث الامام الباقر (عليه السلام) في البحار، ج ٥٢، ص ٢٩٠، باب ٢٦، حديث ٣٠، وسُمّي يوم قيامه (عليه السلام) بيوم الخلاص كما في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في البحار، ج ٥١، ص ٨١، باب ١، حديث ٣٧.
(٤٩) سورة الإسراء، الاية ٥.
(٥٠) سورة هود، الاية ٨.
(٥١) عصر الظهور، ص ٢١٠.
(٥٢) الارشاد، ج ١، ص ٣٨٠.
(٥٣) بصائر الدرجات، ١٠٤.
(٥٤) البحار، ج ٥٢، ص ٣٠٨، ب ٢٦، ح ٨١ - ٨٢.
(٥٥) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٣١٢، ب ٢٠، ح ١.
(٥٦) سورة البقرة، الآية ١٤٨.
(٥٧) الغيبة الشيخ النعماني، ص ٣١٣، ب ٢٠، ح ٣.
(٥٨) أرمينيَّة: إسم منطقة واسعة جداً، تشمل مُدن كثيرة، قسمٌ منها في ايران، وقسم منها في تركيا.
(٥٩) الإفرنج: هم الفرنسيون بصورة خاصَّة، أو الأوروبيون بصورة عامة.
(٦٠) ألُومة - على وزْن اكولة -: بلد في دِيار هذيل، كما في (معجم البلدان).
(٦١) الأنبار: بلدة في العراق، تقع بالقرب من الحدود العراقية - السورية، وتعرف أيضاً بـ (الرطبة).
(٦٢) أنطاكية: مدينة في سوريا.
(٦٣) أُوال: هو الاسم السابق للبحرين، وقد ذُكر في نصِّ الخطبة: «جزيرة أُوال، وهي البحرين».
(٦٤) الأوس: إسم قبيلة عربيَّة مِن الأزد، يَمانيّة، إرتحلتْ وأُختها الخزرج فنزلوا المدينه المنوَّرة ولمّا بُعث النبي وهاجر الى المدينة إلتفّوا حوله واعتنقوا دين الإسلام، وكانت هجرة النبي والمسلمين اليهم في المدينة، وسُمِّي الجميع - بعد ذلك - بالأنصار.
(٦٥) بالس: قرية في سوريا، بين حَلَب والرِقَّة، وتعرَف اليوم باسم (إسكي مَسكَنَة).
(٦٦) وفي نسخة: عريان، أو عزبان.
(٦٧) وفي نسخة: عمر.
(٦٨) برعة: قرية في ضواحي الطائف.
(٦٩) بلْخ: مدينة في أفغانستان.
(٧٠) بلست: قرية من قرى الاسكندرية.
(٧١) البلقاء: مدينة في الأردن.
(٧٢) البيضاء: اسم لعدة مدن وقرى، منها: مدينة في ايران، ومدينة في بلاد المغرب الأقصى، ومدينة في ليبيا، ومدينة في جنوب اليمن، والله العالم بالمقصود.
(٧٣) تُسْتر - معرّب شوشتر - مدينة في منطقة خوزستان، جنوب ايران.
(٧٤) تفليس - وتُعرب أيضاً بـ (تبيليسي) -: مدينة في جنوب غربي روسية، وهي - اليوم - عاصمة جمهورية جورجيا.
(٧٥) تميم: قبيلة عربية، ينتهي نسبها إلى تميم بن مر بن الياس بن مُضر.
(٧٦) الثقب: قرية من قرى اليمامة في منطقة نجد، في شبه الجزيرة العربية.
(٧٧) جبل اللُكام: هو الجبل المشرف على أنطاكيّة، وبالقرب منها مدينة كما في (معجم البلدان).
(٧٨) جعارة: قيل: هي بلدة في ضواحي مدينة النجف الأشرف، في العراق.
(٧٩) الحبشة - وتُعرف اليوم بـ (إثيوبيا) -: هي دولة في الشرق الشمالي من افريقيا.
(٨٠) حمير: قبيلة كانت تسكن بلاد اليمن.
(٨١) الخط: منطقة ساحليّة في شبه الجزيرة العربية، تشمل عدة مدن، منها: مدينة القطيف في المنطقة.
(٨٢) الخلاط: مدينة كبيرة في منطقة أرمنية - شمال ايران.
(٨٣) خونج: مدينة في منطقة آذربايجان - شمال ايران. وفي المصدر: خونخ بالخاء لا الجيم، ولعله من أخطاء النساخ.
(٨٤) الدورق: قرية من قرى الأهواز، في منطقة خوزستان - جنوب ايران.
(٨٥) ذهاب - وتعرف أيضاً بـ حلوان -: هي بلدة بالقرب من مدينة كرمانشاه في ايران.
(٨٦) الرملة: بلدة في فلسطين، شمال شرقي القدس.
(٨٧) رهاط: منطقة في ضواحي مكة المكرمة.
(٨٨) الري: مدينة في ضواحي طهران.
(٨٩) الزوراء: مدينة بغداد.
(٩٠) زيد: اسم موضع بالقر من مدينة بالس في سوريا.
(٩١) سِجار: قرية في ضواحي مدينة بخاري، في بلاد القفقاز.
(٩٢) سَرخس: مدينة في ضواحي مدينة مشهد المقدسة - في ايران.
(٩٣) سُرّ من رأى: مدينة في العراق، تعرف اليوم بـ (سامرّاء).
(٩٤) سلماس: منطقة في شمال ايران بالقرب من تبريز، تشمل قرى متعددة.
(٩٥) سمرقند: مدينة كبيرة في جمهورية (اوزبكستان).
(٩٦) السِن: مدينة على ساحل نهر دجلة في العراق، بالقرب من تكريت.
(٩٧) سِنجار: بلدة في ضواحي الموصل في شمال العراق، وفي نسخة سنحار: وهي قرية في ضواحي مدينة حلب في سوريا.
(٩٨) السند: منطقة واسعة في جنوب باكستان.
(٩٩) السوس: - وتعرب (الشوش) - ق؛ بلدة من بلاد خوزستان، جنوب ايران، وأيضاً السوس: اسم بلدة في المغرب الأقصى.
(١٠٠) سيراف: بلدة في ايران، تقع على الخليج، تبعد عن مدينة شيراز حوالي ٦٠ فرسخاً.
(١٠١) سيلان: جزيرة تقع في جنوب شرقي الهند، سماها العرب: بلاد سرنديب.
(١٠٢) شيزَر: مدينة في سوريا، تقع على نهر العاصي شمال مدينة حماة.
(١٠٣) لعل الصحيح هو: الضيق - بالقاف -: قرية في منطقة نجد في شبه الجزيرة العربية.
(١٠٤) طالقان: اسم منطقة في مدينة قزوين وأبهر في ايران، وهذه المنطقة تشتمل على قرى متعددة يطلق عليها هذا الاسم وطالقان - أيضاً -: اسم مدينة كبيرة في مقاطعة طخارستان في أفغانستان.
(١٠٥) الطبرية: مدينة تقع على بحيرة طبريفة في فلسطين.
(١٠٦) عرفة: قرية بالقرب من أرض عرفات في ضواحي مكة المكرمة، كما في (معجم البلدان) للحموي.
(١٠٧) عسقلان: مدينة في فلسطين وأيضاً: عسقلان: قرية في ضواحي مدينة بلخ في افغانستان.
(١٠٨) عسكر مكرم: مدينة في منطقة خوزستان - جنوب ايران.
(١٠٩) عقر: اسم موضع بالقرب من مدينة كربلاء المقدسة، واسم قرية بين تكريت والموصل، وقرية في ضواحي بغداد، وقرية في ضواحي الموصل، والعقر - بفتح القاف -: قرية في ضواحي الرملة في فلسطين.
(١١٠) عكا - وفي نسخةً: عكّة: مدينة في فلسطين.
(١١١) العمارة: مدينة في جنوب العراق.
(١١٢) عُنيزة: مدينة في مقاطعة نجد في شبه الجزيرة العربية، وفي نسخة: عنزة: اسم قبيلة عربية.
(١١٣) الفسطاط: مدينة في مصر.
(١١٤) قاشان - معرب كاشان -: مدينة في ايران، تبعد عن طهران حوالي ٢٣٠ كيلومتراً.
(١١٥) القادسية: مدينة في العراق، واسم موضع بالقرب من مدينة النجف.
(١١٦) كازرون: مدينة في ايران.
(١١٧) الكبش: موضع في ضواحي بغداد.
(١١٨) كرخ بغداد: اسم محلة في بغداد.
(١١٩) الكرد: مفرد الأكراد والكرد: قرية في إيران، تبعد عن اصفهان حوالي ٦٠ كيلو متراً.
(١٢٠) كرمان: مدينة في ايران.
(١٢١) الكورة: بلدة في لبنان.
(١٢٢) لنجوية: جزيرة في افريقيا الشرقية (زنجبار).
(١٢٣) مراغة: مدينة في شمال ايران.
(١٢٤) مرقية: بلدة في ضواحي مدينة حمص في سوريا.
(١٢٥) مرو: مدينة في مقاطعة خراسان في ايران.
(١٢٦) المهجم: بلدة في ضواحي مدينة زبيد في اليمن.
(١٢٧) نصيبين: مدينه في تركيا، بالقرب من الحدود التركية - العراقية، وقرية في ضواحي حلب في سوريا.
(١٢٨) النوبة: منطقة إفريقيّة ممتدّة على شاطىء نهر النيل، قسم منها في مصر، وقسم منها في السودان.
(١٢٩) نيسابور: مدينة في ايران، في مقاطعة خراسان.
(١٣٠) هجر: اسم لعدة أماكن، منها: قرية في البحرين، وقرية في اليمن، وقرية في المنطقة الشرقيّة في شبه الجزيرة العربية.
(١٣١) هرات: مدينة في شمال غربي أفغانستان.
(١٣٢) همدان - بسكون الميم -: قبيلة عربيّة يمانية، واسم مدينة في اليمن، وهمدان - بفتح الميم -: مدينة في ايران، جنوب غربي طهران.
(١٣٣) الهونين: بلد في جبال عاملة، مطل على نواحي مصر.
(١٣٤) واسط: مدينة في العراق وقرية في اليمن وضواحي حلب وضواحي بلخ.
(١٣٥) اليمامة: منطقة واسعة في شبه الجزيرة العربية، وتعرف اليوم بـ (العارض).
(١٣٦) الأبدال: قوم من الصالحين.. لا تخلو الدنيا منهم، اذا مات واحدٌ ابدل الله مكانه آخر كما في مجمع البحرين للطريحي.
وقال الفيروزآبادي في القاموس: الأبدال: قوم يقيم الله بهم الأرض وهم سبعون: أربعون بالشام (المقصود من الشام هنا: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلاّ قام مقامه آخر من سائر الناس وقال - أيضاً -: النجباء: هم الأفاضل من الناس.
(١٣٧) المصدر: كتاب الزام الناصب للشيخ علي الحائري ج ٢ ص ٢٠١ وكتاب (نوائب الدهور) للميرجهاني، ج ٢، ص ١١٦.
(١٣٨) المصباح للشيخ الكفعمي، ص ٥٥١، وورد في مفاتيح الجنان المعرّب، ص ٥٣٥.
(١٣٩) عصر الظهور، ص ٢٠٩.
(١٤٠) سورة هود، الاية ٨٦.
(١٤١) البحار، ج ٥٢، ص ١٩٢، باب ٢٥، حديث ٢٤.
(١٤٢) سورة آل عمران، الاية ٣٤.
(١٤٣) في بعض النسخ: «لمّا أعنتمونا».
(١٤٤) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٨١، باب ١٤، حديث ٦٧.
(١٤٥) البحار، ج ٥٣، ص ٩، باب ٢٥، حديث ١.
(١٤٦) البحار، ج ٥٣، ص ٩، وتلاحظ خطبته في حديث الامام الباقر (عليه السلام) في تفسير العياشي، ج ٢، ص ٥٦.
(١٤٧) البحار، ج ٥٢، ص ٣٤٣، باب ٢٧، حديث ٩١.
(١٤٨) البحار، ج ٥٣، ص ٢٣٨.
(١٤٩) البحار، ج ٥٢، ص ٢٨٥، ب ٢٦، ح ١٨.
(١٥٠) البحار، ج ٥٢، ص ٣٣٧، ب ٢٧، ح ٧٨.
(١٥١) سورة الفتح، الآية ١٠.
(١٥٢) البحار، ج ٥٣، ص ٨، ب ٢٥، ح ١.
(١٥٣) وسائل الشيعة، ج ١٠، ص ٤٧٠، ب ١٠٦، ح ٢.
(١٥٤) منتخب الأثر، ص ٤٦٩.
(١٥٥) اصول الكافي، ج ١، ص ٢٣٠.
(١٥٦) الارشاد، ج ٢، ص ١٨٨.
(١٥٧) الكافي، ج ١، ص ٢٣١.
(١٥٨) الكافي، ج ١، ص ٢٣١.
(١٥٩) البحار، ج ٢٦، ص ٢٠٣.
(١٦٠) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٣٠٧.
(١٦١) سورة آل عمران، الآية ١٦٠.
(١٦٢) لاحظ لبيان الأدلّة كتابنا في رحاب الزيارة الجامعة، ص ٥٩٥.
(١٦٣) راجع احاديثه المتظافرة من الفريقين في منتخب الأثر، ص ٢٠٦.
(١٦٤) سورة القصص، الآية ٥.
(١٦٥) البحار، ج ٣٦، ص ٣٦٣، باب ٤٥، حديث ٩.
(١٦٦) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٤٣.
(١٦٧) البحار، ج ٥٢، ص ٣٥٤.
(١٦٨) البحار، ج ٥٣، ص ١١، باب ٢٥، حديث ١.
(١٦٩) الحَزْورة: اسم الموضع المعلوم بين الصفا والمروة، ويستفاد من بعض الأحاديث الشريفة أن الذي خطّه النبي ابراهيم (عليه السلام) للمسجد الحرام هو ما بين الحزورة الى المسعى، فلاحظ لذلك: الكافي، ج ٤، ص ٥٢٧، ح ١٠.
(١٧٠) الارشاد، ص ٣٨٣.
(١٧١) الكافي، ج ٤، ص ٤٢٧، حديث ١.
(١٧٢) البحار: ج ٥٣، ص ١١، باب ٢٥، حديث ١.
(١٧٣) سورة الأنبياء: الاية ١٠٣.
(١٧٤) سورة آل عمران، الاية ٣٠.
(١٧٥) البحار، ج ٣، ص ١٢، باب ٢٥، حديث ١.
(١٧٦) البحار، ج ٥٢، ص ٣٠٨، ح ٨٢.
(١٧٧) يوم الخلاف، المترجم، ج ١، ص ٤٩٥.
(١٧٨) الميل يساوي (١٨٦٠) متر، كما في الأوزان والمقادير، ص ١٣٢. وعليه يكون امتداد الكوفة آنذاك (٥٤) ميل، ويساوي (٤٤٠/١٠٠) متر. فامتدادها فقط يكون أكثر من (١٠٠) كيلومتر، ولذلك تجاوز قصورها كربلاء المقدسة.
(١٧٩) البحار، ج ٥٣، ص ١١، ب ٢٥، ح ١.
(١٨٠) تفسير العياشي، ج ١، ص ٦٦. والرُحبَة بضم الراء وسكون الحاء: موضع بالكوفة كما في مجمع البحرين، مادة رحب.
(١٨١) البحار، ج ٥٣، ص ٣٤، ب ٢٥، ح ١.
(١٨٢) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٩٦، ب ٦، ح ٣٣.
(١٨٣) البحار، ج ٥٢، ص ٣٣٠، ب ٢٧، ح ٧٦.
(١٨٤) في بيان البحار: صرة بابل: أشرف أجزاءها.
(١٨٥) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٨٩، ب ٦، ح ١٣.
(١٨٦) في بيان البحار هنا: أن نصب الحجر الأسود في مسجد الكوفة كان في زمن القرامطة، حيث خرّبوا الكعبة المعظمة، ونقلوا الحجر الى المسجد الكوفة، ثم ردّوه الى موضعه، ونصبه الامام القائم (عليه السلام) بحيث لم يعرفه الناس كما مر ذكره في كتاب الغيبة.
(١٨٧) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٨٩، ب ٦، ح ١٤.
(١٨٨) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٩٤، ب ٦، ح ٢٧.
(١٨٩) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٩٧، ب ٦، ح ٣٤.
(١٩٠) البحار، ج ١٠٠، ص ٣٩٧، ب ٦، ح ٣٦.
(١٩١) البحار، ج ١٠٠، ص ٤٣٦، ب ٧، ح ٧.
(١٩٢) البحار، ج ١٠٠، ص ٤٣٧، ب ٧، ح ٩.
(١٩٣) البحار، ج ١٠٠، ص ٤٤٠، ب ٧، ح ١٧.
(١٩٤) البحار، ج ٤٧، ص ٣٧٩، ب ١١، ح ١٠١.
(١٩٥) البحار، ج ٥١، ص ٥٤، ب ٥، ح ٣٨.
(١٩٦) البحار، ج ٥١، ص ١٤٣، ب ٦، ح ٣.
(١٩٧) البحار، ج ٩١، ص ٦، ب ٢، ح ٢.
(١٩٨) البحار، ج ١٠٢، ص ٨٦، ب ٧، ح ١.
(١٩٩) البحار، ج ٥٢، ص ١٢٦، ب ٢٢، ح ٢٠.
(٢٠٠) المهدي، ص ٢٦٦.
(٢٠١) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٣٧.
(٢٠٢) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٨، ب ٢٧، ح ٤٦.
(٢٠٣) كمال الدين، ص ٥٦٥.
(٢٠٤) الاختصاص، ص ٢١٧.
(٢٠٥) لا يخفى أن هذا البيان كناية عن شدّة قربهم المعنوي، وعظم منزلتهم عند الله تعالى. أو كناية عن أحاطتهم العلميّة بأمور السماوات والأرضين بافاضة الله تعالى لهم. أو بمعنى عظيم قدرتهم على الأمور بواسطة هذه المخلوقات وإطاعتها لهم.
(٢٠٦) البحار، ج ٢٦، ص ٧، ب ١٣، ح ١.
(٢٠٧) عصر الظهور، ص ٢٦٥.
(٢٠٨) عصر الظهور، ص ٢٦٦.
(٢٠٩) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢١.
(٢١٠) لعل الخواتيم كانت متفرقة في مطاوي الكتاب، بحيث كلما نُشرت طائفة من مطاويه انتهى النشر الى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوي إلاّ أن يفضّ الخاتم كما في هامش الكافي.
(٢١١) اصول الكافي، ج ١، ص ٢٨٠، ح ٢.
(٢١٢) التوثب هو الاستيلاء على الشيء ظلماً.
(٢١٣) سورة يس، الآية ١٢.
(٢١٤) اصول الكافي، ج ١، ص ٢٨٣، ح ٤.
(٢١٥) في البحار: الجريري.
(٢١٦) بصائر الدرجات، ص ٤٣٩، ب ١٢، ح ١.
(٢١٧) بصائر الدرجات، ص ٤٣٩، ب ١٢، ح ٥.
(٢١٨) سورة الانعام، الآية ١١٥.
(٢١٩) بصائر الدرجات، ص ٤٣٩، ب ١٢، ح ٦.
(٢٢٠) سورة القصص، الآية ٥.
(٢٢١) سورة النور، الآية ٥٦.
(٢٢٢) البحار، ج ٢٦ ص ٢٥٤، ب ٤، ح ٢٧.
(٢٢٣) غرر الحكم، ج ١، ص ٢٢٢.
(٢٢٤) غرر الحكم، ج ١، ص ٥٥١.
(٢٢٥) غرر الحكم، ج ٢، ص ٧٤١.
(٢٢٦) سورة الحديد، الآية ١٧.
(٢٢٧) البحار، ج ٧٥، ص ٣٥٣.
(٢٢٨) البحار، ج ٧٥، ص ٢٦.
(٢٢٩) سورة الحجر، الآية ٧٥.
(٢٣٠) اصول الكافي، ج ١، ص ٢١٨، ح ١.
(٢٣١) كنز الدقائق، ج ٧، ص ١٥٠.
(٢٣٢) في المصدر «أم» بدل أو.
(٢٣٣) من المصدر.
(٢٣٤) في المصدر «بسبيل».
(٢٣٥) كنز الدقائق، ج ٧، ص ١٥١.
(٢٣٦) نهج البلاغة، الخطبة ١٣٨.
(٢٣٧) منهاج البراءة، ج ٨، ص ٣٤٦.
(٢٣٨) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٠، ب ٢٧، ح ٢٢.
(٢٣٩) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٣٧، ح ٢٦.
(٢٤٠) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٣١٩، ح ٨.
(٢٤١) سورة ص، الآية ٢٦.
(٢٤٢) الجواهر، ج ٤٠، ص ٨٦.
(٢٤٣) إعلام الورى، ص ٤٧٧.
(٢٤٤) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٠، ب ٢٧، ح ٢٥.
(٢٤٥) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٨، ب ٢٧، ح ٤٧.
(٢٤٦) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٣٩، ح ٣٠.
(٢٤٧) مجمع البحرين، ص ٥١١.
(٢٤٨) الانوار اللامعة، ص ٧٧.
(٢٤٩) سورة النساء، الآية ٥٤.
(٢٥٠) سورة لقمان، الآية ١٢.
(٢٥١) سورة ص، الآية ٣٤.
(٢٥٢) الغيبة للشيخ النعماني، ص ٣١٨، ح ٣.
(٢٥٣) البحار، ج ٥٢، ص ٣٣٦، ب ٢٧، ح ٧٣.
(٢٥٤) المخصرة: شيء كالسوط، وما يتوكّأ عليه كالعصى.
(٢٥٥) سورة النساء، الآية ١٣٠.
(٢٥٦) البحار، ج ٥٣، ص ٨٦، ب ٢٩، ح ٨٦.
(٢٥٧) البحار، ج ٤١، ص ١٩٥، ب ١١٠، ح ٦.
(٢٥٨) عقد الدرر، ص ٢١٩.
(٢٥٩) عقد الدرر، ص ١٩٥.
(٢٦٠) سورة البقرة، الآية ٢٦١.
(٢٦١) عقد الدرر، ص ٢١١.
(٢٦٢) دلائل الامامة، ص ٣٩.
(٢٦٣) البحار، ج ٤٧، ص ٢٦.
(٢٦٤) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٧.
(٢٦٥) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢١.
(٢٦٦) البحار، ج ٥٢، ص ٣٢٨، ب ٢٧، ح ٤٧.
(٢٦٧) البحار، ج ٥٢، ص ٣١، ب ٢٧، ح ٤.
(٢٦٨) البحار، ج ٥٢، ص ٣١٧، ب ٢٧، ح ١٢.
(٢٦٩) البحار، ج ٥٢، ص ٣١٨، ب ٢٧، ح ١٧.
(٢٧٠) البريد: أربعة فراسخ.
(٢٧١) البحار، ج ٥٢، ص ٣٣٦، ب ٢٧، ح ٧٢.
(٢٧٢) سورة الاعراف، الآية ٩٦.
(٢٧٣) مختصر بصائر الدرجات، ص ٥١.
(٢٧٤) كمال الدين، ص ٢٥٤، ب ٢٣، ح ٤.
(٢٧٥) راجع كتبا الغيبة للشيخ النعماني، ص ٢٣٢، ب ٢٦، الاحاديث.
(٢٧٦) الارشاد، ج ٢، ص ٣٨٦، ولا يخفى انه نقل قبل هذا الحديث ما رواه عبد الكريم الخثعمي عن الامام الصادق (عليه السلام): - قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) كم يملك القائم (عليه السلام)؟ قال: سبع سنين.
(٢٧٧) مختصر كفاية المهتدي، ص ٢٣٦.
(٢٧٨) البحار، ج ٥٣، ص ٩٤، ب ٢٩، ح ١٠٣.
(٢٧٩) البحار، ج ٢٧، ص ٢١٧، ب ٩، ح ١٩.
(٢٨٠) مختصر بصائر الدرجات، ص ١٩٣.

التحميلات التحميلات:
التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016