الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
التسليم لغة هو الموافقة التامة ظاهراً وباطناً بحيث لا يعود هناك أدنى مخالفة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وهذه مرتبة لصيقة بصفة الإيمان إذا تحققت في المؤمن كان من آثارها الطاعة المطلقة للإمام (عجّل الله فرجه) وعدم الاعتراض عليه لا في اللسان ولا في القلب، وبدونها يبقى الإنسان ناقص الإيمان ويعاني من تلوثات الشرك ولو في مراتبه الدنيا التي وإن لم تخرجه من الإسلام ولكن تقدح في الإيمان وكماله، وقد روى الكليني عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلّا صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين. ثم تلا هذه الآية: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): عليكم بالتسليم. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٩٠]
ويمكن أن نفهم التسليم للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في أمرين:
الأول: في طاعة أوامره (عجّل الله فرجه) فيما ورد عنه في الأحاديث الشريفة والطريق إلى ذلك في الأخذ من العلماء والفقهاء في زمن الغيبة الكبرى، كما ورد عنه (عجّل الله فرجه) في التوقيع الشريف: وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٤٨٤]
الثاني: التسليم والرضا وعدم الاعتراض على غيبته (عجّل الله فرجه) والحكمة منها وإيكال أمر ذلك إلى الله تعالى، وقد ورد في بعض فقرات الدعاء الوارد عن الشيخ العمري (رضي الله عنه) ما يشير إلى ذلك: اللهم فثبتني على دينك واستعملني بطاعتك، وليِّن قلبي لولي أمرك، وعافني مما امتحنت به خلقك، وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك، فبإذنك غاب عن بريتك، وأمرك ينتظر، وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبِّرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، ولا أكشف عما سترته، ولا أبحث عما كتمته، ولا أنازعك في تدبيرك، ولا أقول: لِمَ؟ وكيف؟ وما بال ولي الأمر لا يظهر، وقد امتلأت الأرض من الجور؟ وأفوض أموري كلها إليك. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١٢]
ولا يخفى أن التسليم للإمام (عجّل الله فرجه) في زمن الغيبة هو السبيل الوحيد للنجاة من الهلاك والفتن التي يمكن أن تعترض طريق المؤمنين، وقد ورد عن عبد الرحمن بن كثير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه مهزم فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظره متى هو؟ فقال (عليه السلام): يا مهزم، كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٦٨]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)