الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الدعاء بالفرج لا ينافي خروجه بأمر الله سبحانه وتعالى حيث قال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] والدعاء كما جاء في الحديث يردّ القضاء المحتوم.
فقد روي عن جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما وآلهما): إن الدعاء يرد القضاء المبرم بعد ما أبرم إبراماً فأكثروا من الدعاء فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ولا ينال ما عند الله إلّا بالدعاء، إنه ليس من باب يكثر قرعه إلّا ويوشك أن يفتح لصاحبه. [الدعوات لقطب الدين الراوندي: ص١٣ – ١٧، ب١، ف١، ح١]
وروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أعدوا للبلاء الدعاء (فإنه) لا يرد القضاء إلّا الدعاء ولا يزيد في العمر إلّا البر.
إذن فلسفة الدعاء تظهر في أن الله سبحانه وتعالى جعله من الأسباب التي تُعجّل في الظهور مضافاً إلى بقية الشرائط الأخرى والتي منها تهيئة النفس والمجتمع للتمهيد لظهوره (عجّل الله فرجه). [الدعوات لقطب الدين الراوندي: ص٢١، ب١، ف١، ح٢٢]
وهكذا بالنسبة إلى السؤال الثاني، فإن فائدة الصدقة عنه (عجّل الله فرجه) لا تنحصر بدفع الموت عنه، وإنما يمكن أن تكون لدفع الأذى عنه ولإبعاد أعين الظالمين عنه، ويمكن أن تكون بنية التعجيل لفرجه (عجل الله فرجه)، وغيرها من الغايات الأخرى التي تكون الصدقة من أسباب تحققها.
هذا، وقد أوضح فوائد الصدقة عنه (عجل الله فرجه) الشيخ ميرزا محمد تقي الأصفهاني بما نصه:
التصدق عنه بنيابته وهذا من علامات مودته، وولايته، ويدل على حسنه ورجحانه ما ورد في مدح التصدق عن سائر المؤمنين، والصلاة عنهم، كما مرّ فإن مولاهم أفضلهم، والصدقة عنه أفضل من الصدقة عنهم، مضافاً إلى فحوى ما ورد في الحج، بنيابة الإمام، والطواف، والزيارة، وغيرها، فمن تتبع ذلك ونحوه يعرف رجحان الإتيان بكل عمل صالح بنيابته (صلوات الله وسلامه عليه). وقد أوصى السيد الأجل علي بن طاووس (رضي الله عنه) وأمر ولده في كتاب كشف المحجة في كيفية آدابه، ووظائفه بالنسبة إلى مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) بأمور، إلى أن قال: فكن في موالاته، والوفاء له وتعلق الخاطر به على قدر مراد الله ومراد رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومراد الأئمة (عليهم السلام) منك، وقدم حوائجه على حوائجك، عند صلوات الحاجات والصدقة عنه قبل الصدقة عنك، وعمن يعز عليك، والدعاء له قبل الدعاء لك وقدمه في كل خير تكون فاعله فإنه يكون مقتضياً لإقباله عليك، وإحسانه إليك إلى آخر ما قال أعلى الله تعالى شأنه مقامه وزاد إكرامه: هذا مضافاً إلى أن ذلك من أقسام الصلة للإمام (عجّل الله فرجه)، ويأتي فضل الصلة إن شاء الله تعالى. - ويدل على المقصود وعلى كون التصدق ونحوه صلة خبر علي بن أبي حمزة، المروي في الوسائل والبحار وغيرهما، قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) أحج وأصلي وأتصدق عن الأحياء والأموات من قرابتي وأصحابي؟ قال (عليه السلام) نعم تصدق عنه، وصل عنه، ولك أجر آخر، بصلتك إياه. انتهى. [مكيال المكارم للشيخ ميرزا محمد تقي الأصفهاني: ج٢، ص ١٨٨ – ١٨٩]
أقول: لفظ السؤال وإن كان خصوص القرابة والأصحاب، لكن لا ريب في أن ذكرهما بالخصوص، من جهة أن الغالب من حال الإنسان، أنه لا يحج ولا يتصدق ولا يصلي ولا يزور ولا يفعل فعلاً حسناً إلّا عمن كان له خصوصية وارتباط بينه وبين هذا النائب، الذي يفعل ذلك الفعل الحسن كما نرى بالعيان، من حال أفراد الإنسان ولهذا ذكرهما في السؤال فتبين أن ذكرهما من باب المثال. والمراد هو السؤال عن جواز النيابة في الطاعات، والخيرات عن الأحياء والأموات، من المؤمنين والمؤمنات فأجاب الإمام (عليه السلام) عن سؤاله بنحو أبلغ وأتم حيث إنه (عليه السلام) بين للسائل جواز ذلك، بقوله: نعم ثم أراد بيان حسنه واستحبابه، فأمر بذلك بعد أن بين له جوازه، بقوله: تصدق عنه، وصل عنه ثم أراد حضه وترغيبه إلى هذا العمل، ببيان فضله وثوابه، فقال (عليه السلام): ولك أجر آخر ثم أراد بيان وجه استحقاقه الأجر والثواب فنبه عليه، بقوله: بصلتك إياه فجمع له في هذا الكلام الحكم بالجواز، بالمعنى الأعم، والاستحباب، والترغيب إليه، بذكر الأجر والثواب، وإنه بسبب كونه صلة للقرابة والأصحاب فانظر وتدبر أيها العاقل المتفطن، أنه إذا كان الشخص يستحق الأجر لصلته أحداً من إخوانه المؤمنين بالتصدق عنه، فكيف لا يستحق أعظم من ذلك بصلته صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) بالتصدق عنه، بلى يستحق، ويفوز بأفضل ثواب المتصدقين لصدور هذه العبادة نيابة عنه عن أفضل العالمين، ولا ريب أنه كلما كان الارتباط والخصوصية بينه وبين إمامه (سلام الله عليه) أكمل وأتم، كان ثوابه في التصدق عنه أوفى وأتم نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعلى سائر المؤمنين بكمال مودته وخدمته، إنه قريب مجيب، ويشهد لما ذكرنا من كون التصدق عن الإمام (عجّل الله فرجه) أفضل من الصدقة عن غيره، مضافاً إلى حكم العقل بذلك ومضافاً إلى كونه من أقسام الصلة للإمام (عجّل الله فرجه)...
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)