الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
لا يختلف دور المرأة عن دور الرجل من هذه الناحية فإن من أفضل الوظائف المُسلّمة في عصر الغيبة الكبرى هو انتظار الفرج، وقد عقد العلامة المجلسي فصلاً خاصاً في بحار الأنوار حول هذه الوظيفة، وذكر سبعين رواية عن المعصومين (عليهم السلام) في ذلك، وعُدّ الانتظار في هذه الأحاديث من دين الأئمة (عليهم السلام) وأفضل الأعمال، وأحب الأعمال، وأفضل العبادات، فالمنتظر هو كالمتشحط بدمه في سبيل الله، وهو بمنزلة مَنْ كان مع القائم (عجّل الله فرجه) في فسطاطه، وبمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله، وكمن استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكالشاهر سيفه بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يذب عنه، وكان له مثل أجر من قتل معه، وعند الله أفضل من كثير ممن شهد بدراً واحداً.
وورد عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: إن أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، والمنتظرون لظهوره، أفضل أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٢، ص١٢٢]
ولكن هذه الوظيفة وهي انتظار الفرج لها شرائط فلا يسمى المكلف منتظراً ما لم يحقق هذه الشرائط، وإن كانت هذه الشرائط لها مراتب متعددة.
وهذه الشرائط التي تحقق أعلى مرتبة من الانتظار ثلاثة: اعتقادية ونفسيه وعملية.
أمّا الشرط الأول: فيجب على الفرد أن يعتقد بأن إمام الزمان (عجّل الله فرجه) هو الفرد الذي ادّخره سبحانه لتنفيذ غرضه الإلهي من بسط العدل وإماتة الجور وأنه ابن الإمام العسكري (عليه السلام) وحفيد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) على نحو الخصوص لا الإيمان بالمُخلِّص والمنتظر بنحو العموم، فهو أمر فطري يؤمن به كل إنسان.
أمّا الشرط الثاني: فيجب على المنتظر أن يتحلّى باستعداد دائم وكامل لتطبيق أحكام الشريعة وأن يكون كواحد من الدعاة إليها والمضحّين في سبيلها، لأن وقت الظهور مبهم لا يعلمه إلّا الله، وهذا يتطلب من الفرد شعوراً نفسياً مشبعاً بالإخلاص والفداء لإمام زمانه (عجّل الله فرجه) إذا ظهر وطلب منه النصرة والتضحية في أي وقت كان.
أمّا الشرط الثالث: فيراد منه الالتزام بتطبيق أحكام الشريعة التي لا تنحصر بفترة زمنية معينة، بل سارية في كل عصر وحاكمة على تصرفات الفرد وأفعاله وأقواله فيكتسب الإرادة القوية وعمق الإخلاص بحيث يؤهل الفرد للتشرف بتحمّل طرف من مسؤوليات اليوم الموعود، والتضحية بالنفس والنفيس من أجل إمام الزمان (عجّل الله فرجه).
وهذا الالتزام والسلوك العملي واجب على كل فرد مسلم سواء ظهر الإمام (سلام الله عليه) أم لا، لكنه يزداد تأكيداً عندما يعلم المكلف أنّ إمامه وقائده معاصر له، يراقب أعماله ويعرف أقواله ويأسف لسوء تصرفه، فهذا الإحساس يولّد وجوب إعداد النفس لليوم الموعود بتحمّل المسؤوليات في حاضره ومستقبله لكي لا يكون عاصياً لقائده متمرداً على تعاليمه، إضافة إلى أن المرء عليه أن يجعل نفسه على مستوى رضا الله ورضا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قبل الظهور وبعده ولن يكون ذلك إلّا بقيامه بواجباته وما تفرضه عليه أحكام الإسلام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقل تهاون في ذلك يوجب سخط الله تعالى والإمام (عجّل الله فرجه).
وأهم ما يأمر به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو اتباع نائبه العام في زمن الغيبة الكبرى وهو من ينطبق عليه وصف الفقيه المطيع لأوامر الله المخالف لهواه الصائن لنفسه.
ويمكنكم الاستماع إلى محاضرات السيد صادق الخرسان تحت عنوان [دور المرأة في التمهيد للإمام المهدي (عليه السلام)] من خلال الروابط التالية تفضلوا:
https://m-mahdi.net/main/audios-٤٢٣
https://m-mahdi.net/main/audios-٤٢٤
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)