الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود هو أمر الإمامة، أي الاعتقاد بأن أوصياء الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) هم الأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) وما يستلزمه هذا الاعتقاد من ضرورة الاعتقاد اليوم –في عصر الغيبة– بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وضرورة انتظاره.
هذا وقد تكرر استعمال كلمة (الأمر) للدلالة على الاعتقاد بالإمامة في روايات عديدة ومنها:
عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمر فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمر لَا يَلْهُو ولَا يَلْعَبُ، وأَقْبَلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى وهُوَ صَغِيرٌ ومَعَه عَنَاقٌ مَكِّيَّةٌ وهُوَ يَقُولُ لَهَا اسْجُدِي لِرَبِّكِ فَأَخَذَه أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) وضَمَّه إِلَيْه وقَالَ بِأَبِي وأُمِّي مَنْ لَا يَلْهُو ولَا يَلْعَبُ. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣١١]
فإن صفوان هنا يسأل عن علامة الإمام التي تكشف عنه بدون ارتياب.
وكذا ما روي عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِيٍّ قَالَ جِئْتُ إلى أَبِي إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) بِمَالٍ فَأَخَذَ بَعْضَه وتَرَكَ بَعْضَه فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ الله لأَيِّ شَيْءٍ تَرَكْتَه عِنْدِي؟ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمر يَطْلُبُه مِنْكَ، فَلَمَّا جَاءَنَا نَعْيُه بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) ابْنُه فَسَأَلَنِي ذَلِكَ الْمَالَ فَدَفَعْتُه إِلَيْه. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣١٣]
وعلى نفس المنوال روي عن مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) وعِنْدَه فِي الْبَيْتِ أُنَاسٌ فَظَنَنْتُ أَنَّه إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ غَيْرِي فَقَالَ: أما والله لَيَغِيبَنَّ عَنْكُمْ صَاحِبُ هَذَا الأمر ولَيَخْمُلَنَّ هَذَا حَتَّى يُقَالَ مَاتَ هَلَكَ فِي أي وَادٍ سَلَكَ ولَتُكْفَأنَّ كَمَا تُكْفَأُ السَّفِينَةُ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ لَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ الله مِيثَاقَه وكَتَبَ الإِيمَانَ فِي قَلْبِه وأَيَّدَه بِرُوحٍ مِنْه ولَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أي مِنْ أَيٍّ.
قَالَ فَبَكَيْتُ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله؟ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وأَنْتَ تَقُولُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أي مِنْ أَيٍّ؟
قَالَ: وفِي مَجْلِسِه كَوَّةٌ تَدْخُلُ فِيهَا الشَّمْسُ فَقَالَ: أبَيِّنَةٌ هَذِه؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِه الشَّمْسِ. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٣٩]
ولذلك أطلق على الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أيضاً بأنه صاحب الأمر، فقد روي عَنْ يَمَانٍ التَّمَّارِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) جُلُوساً فَقَالَ لَنَا: إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمر غَيْبَةً الْمُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِه كَالْخَارِطِ لِلْقَتَادِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا بِيَدِه، فَأَيُّكُمْ يُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِه. ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ الله عَبْدٌ ولْيَتَمَسَّكْ بِدِينِه. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٣٦]
ومنه يتضح: أن اصطلاح (صاحب الأمر) مرة يُطلق ويُراد منه عموم أهل البيت (عليهم السلام) ويكون المراد من الأمر هو أمر الإمامة كما تبين، ومرة يُطلق ويُراد منه خصوص الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ويكون المقصود من الأمر –بالإضافة إلى الإمامة- هو الظهور المبارك ونشر العدل والقسط والأمان على ربوع الكرة الأرضية، والرواية الأخيرة تقصد المعنى الثاني كما هو واضح.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)