الفهرس
لتصفح الصحيفة ب Flsh

لتحميل الصحيفة ك Pdf

الصفحة الرئيسية » العدد: ٤٨/ جمادى الأولى/ ١٤٣٤هـ » شرح دعاء الندبة/ الحلقة الثامنة
العدد: ٤٨/ جمادى الأولى/ ١٤٣٤ه

المقالات شرح دعاء الندبة/ الحلقة الثامنة

القسم القسم: العدد: ٤٨/ جمادى الأولى/ ١٤٣٤هـ الشخص الكاتب: رابطة إحياء دعاء الندبة التاريخ التاريخ: ٢٠١٣/٠٣/١٤ المشاهدات المشاهدات: ٦٣٠٠ التعليقات التعليقات: ٠

شرح دعاء الندبة/ الحلقة الثامنة

رابطة إحياء دعاء الندبة

ما زال الحديث متواصلا لشرح فقرات دعاء الندبة، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح الفقرة التالية:
(فَبَعْضٌ اَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ اِلى اَنْ اَخْرَجْتَهُ مِنْها، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلاً وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْق فِي الاْخِرينَ فَاَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَـرَةٍ تَكْليماً وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ اَخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً، وَبَعْضٌ اَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ اَب وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ وَاَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ).
يتضمن هذا المقطع ثلاثة محاور:
١. إشارات تاريخية إلى أهم المقامات النبوية:
تضمنت الفقرة الآنفة الذكر إشارة إلى أهم المقامات الرسالية المرتبطة بالله سبحانه وتعالى، وكأنها إشارة إلى هيكليّة معيّنة في التواصل مع الله سبحانه وتعالى نظير ما نلاحظه اليوم من تواصل الأفراد مع النُظم التي تحكمهم، فهناك ترتبات طولية وعرضية تنتهي إلى قمّة الهرم حيث تندك فيه جميع الترتبات النازلة وتكون طولية بالنسبة إليه، فمراجعة دائرة معينة لإنجاز قضية ما تبدأ بموظف صغير ثم بشعبة معينة، فالقسم المسؤول عن تلك الشعبة، ثم الدائرة التي تنظّم ذلك العمل فمديريات، فوزارة، وإذا احتيج في المعاملة إلى وزارات أخرى ثم إلى أعلى دائرة تنفيذية تتمثل بالرئيس أو الوزير الأول، فنلحظ هنا مجموعة من الدوائر، تارة يكون الترتيب فيها طوليا وأخرى عرضيا والجميع ينتهي إلى قمة الهرم، وإنّما صار ذلك لأجل انجاز القضايا وتسهيل الارتباطات.
ولم يأت ذلك عن فراغ وإنما هو نتيجة لما شاهده العقلاء من سير التنظيم الإلهي في إدارة شؤون الناس من خلال التنظيم النبوي والرسالي للارتباط مع الله سبحانه وتعالى.
وهنا نؤكّد أنّ الأدوار مختلفة، فكل نبي من الأنبياء عليهم السلام كان له دور يبتدئ من حيث انتهى إليه النبي السابق وينتهي عند بداية دور النبي اللاحق، ويشار عادة في ضمن الآيات أو الروايات إلى المشخّص البارز في دور ذلك النبي، سواء كانت عملياته الإدارية لشؤون الأمة في زمانه تشكّل منظومة من مجموعة من الأنبياء كما في موسى عليه السلام إذ سبق بيوسف  عليه السلام وألحق بآخرين، وإنّما أشير إلى دوره لانّ تشكّل الهوية وبروزها بشكل واضح كان على يديه عليه السلام، وهكذا غيره من الأنبياء. أو كانت عملية إدارة شؤون الأمّة منحصرة به وليست متمّمة لما قبله كإبراهيم عليه السلام وبصورة أوضح كنبينا محمد عليهم السلام.
والمقطع الذي بين أيدينا يشير إلى أنّ هناك أدواراً متلونة ومتنوعة في تثبيت الدين وبيانه وإنْ كانت في بعض الأحيان بشرائع مختلفة تستدعيها الحكمة الإلهية، ولا بدّ لملاحظة هذه الحقيقة بشكل يجعلنا نفهم ونستوعب دور كل نبي منفرداً، ودورهم عليهم السلام مجتمعين، أنْ نلحظ تلك الخصوصيات، فإسكان آدم عليهم السلام الجنة ثم إخراجه منها له خصوصيته الخاصة، ولا بدّ أنْ يُدرس ويفهم ثم ينظر إليه جزءاً من الدين، ثم أثر هذه الخصوصية في الدين وأثرها في الاقتداء، وكذلك حمل نوح عليهم السلام في الفلك وإنجاؤه قد يكون فيه الدور الابتلائي والامتحاني بارزاً بشكل جليّ، فلابدّ أنْ ينظر إليه في ضمن المنظومة الدينية، بينما يلحظ اتخاذ الخلّة لإبراهيم عليه السلام من بعد ثالث، وهو بعد المجاهدة والإصرار على المواصلة والفناء في سبيل الله سبحانه وتعالى لأجل نشر المبادئ الدينية، وهكذا لابدّ أنْ يلحظ التكليم الموسوي وبروز حالة الاشتراك في الإرسال والتبليغ بعد رفد موسى عليه السلام بأخيه هارون، بينما نلحظ حالة الإعجاز بشكل واضح، إعجاز في الذات، وإعجاز في تثبيت الرسالة في عيسى عليه السلام وحالة ولادته من غير أب، ثم تردف هذه الفقرة بفقرة أخرى تفريعاً على هذا التلّون بأنّ هناك شرائع ومناهج لعلّها تكون منبثقة من ملاحظة ذلك التلّون في الأدوار.
٢. أهمية هذه المقامات في التأثير على الإيمان واكتساب التديّن:
يؤثر هذا التنوع المقاماتي في حالة التدين، إذ يعطيها مزيداً من القوة والصلابة في مواجهة الصعاب، والطراوة والمرونة في حالة الاكتساب والترويج، وعلى إثر ذلك يتنوع الخطاب الديني، فعندما نريد أنْ نبيّن للناس حالة الامتحان والابتلاء والصبر على الإيمان والتزام الأحكام الشرعية نذكر دور نوح عليه السلام وقومه في ذلك، بينما اذا أردنا أنْ نخاطب الجمهور عن حالة التشتّت والمخالفة وعصيان الأوامر نذكر ما حصل لموسى وهارون عليهما السلام، أمّا إذا أردنا أنْ ننظر حالة المقاومة والصلابة الفردية فنذكر الدور الإبراهيمي، وكيف ثبت رغم كونه عليه السلام فرداً تجاه قومه، وهكذا مع بقية الأنبياء عليهم السلام.
أمّا إذا أردنا أْن نخاطب الناس لأجل أنْ نكسبهم إلى الدين ونجعلهم أفراداً مؤمنين نلحظ حالة الصبر عند نوح عليه السلام ومطاولته مع قومه لما يقارب الألف سنة وعدم تململه رغم قلة ناصريه، وكذلك الحال مع موسى عليه السلام فرغم لجاجة قومه وعنادهم إلاّ أنه كان يقول لهم الأقوال اللّينة، وتبرز القضية بشكل واضح في جانبيها التثبيتي والاستقطابي عند خاتم الأنبياء عليهم السلام.
فملاحظة الأدوار المتنوعة إذا نظر إليه فردياً او اجتماعياً وُصدَّر على أنّه خطاب ديني يؤمّن لنا جانبي تثبيت الدين في نفوس المؤمنين واستقطاب الآخرين إلى التديّن والإيمان.
٣. إنّ هذه المقامات وغيرها مما يأتي ذكرها هي بالأصالة لأهل البيت عليهم السلام:
وذكرها مع أهل البيت عليهم السلام إنّما هو للدلالة على وجودها عندهم أولاً، وأنّها ذات بعد في فهم القضية المهدوية من زواياها المتعددة عند التأمل في هذه المضامين، إذ تنفع كثيرا الحالات المتنوعة التي مرّ بها الأنبياء عليهم السلام في فهم القضية المهدوية ومرورها في حالات متنوعة من قلة الناصر في بعض أدوارها والاضطرار إلى الخفاء والاختفاء والغيبة والتواري في أبعاض أخر، وإلى التكتّم وعدم الإعلان والإخفاء في أزمنة معينة، وقد أشارت جملة من الروايات وبنصوص صرّح بعضها أنّ شاهد هذا التنوع هو مرور الأنبياء وتلبسهم بتلك الحالات مما استدعى مقبولية لدى الناس وعدم استغرابهم عندما يطرأ طارئ في القضية المهدوية فيبيّن لهم أنّ حالة امامة الصِغَرْ قد مر بها بعض الأنبياء عليهم السلام وليست مختصة بالمهدي عليه السلام وأنّ الخفاء قد مر به بعض الأنبياء عليهم السلام وليس مختصاً به عليه السلام، وهذا معناه أنّ الأصالة في تلك الصفات أنّها لهم عليهم السلام وأنّ ما مارسه الأنبياء قبلهم لأجل أنْ يرفع الاستغراب عنهم وإنّما حصلت تلك الحالات للأنبياء عليهم السلام لأجل رفع حالة الاستغراب عّما يحدث عليهم وخصوصا المهدي عليه السلام ومن النصوص الدالة على ذلك ما جاء في (كمال الدين) في الباب الثالث والثلاثين صفحة ٣٥٤ عن الصادق عليه السلام في خبر طويل جاء فيه: (أن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل، قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل له من ذلك عمر العبد الصالح _أعني الخضر عليه السلام_ دليلاً على عمره ...).
ما جاء في (غيبة النعماني) الباب ١٠ الحديث ٥ وفي حديث آخر عن الإمام الباقر عليه السلام: (في صاحب هذا الأمر سنّة من أربعة أنبياء سنّة من موسى عليه السلام، وسنّة من عيسى عليه السلام، وسنّة من يوسف عليه السلام، وسنّة من محمد عليهم السلام...).
وما روي في (كمال الدين) في الباب ٣٢ وفي خبر ثالث عنه عليه السلام: (إنّ في القائم من آل محمد عليهم السلام شبهاً من خمسة من الرسل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام).

التقييم التقييم:
  ٢ / ٣.٥
التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *
التحقق اليدوي: *
إعادة التحميل
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

ما ينشر في صحيفة صدى المهدي عليه السلام لا يعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة بل هي آثار الكتّاب والأدباء