قصائد مخطوطة أيا ابن العسكري(*)
المرحوم الشيخ عبد الحسين الأعسم
ستسمعُ لي إذا علُقَتْ بَناني |
|
معارفُهنَّ مطلقَةُ العِنانِ(١) |
فتعلَم أنّ لي مرمىً بعيداً |
|
عليك وأن شأنك غير شاني |
أكلتُ دماً إن استبقيتُ نفساً |
|
تَفرُّ مِن الحمام إلى الهوان(٢) |
سأمضي للتي إن طوّحَتْ بي |
|
بلغْتُ بها نهاياتِ الأماني(٣) |
بعزمةِ فاتكِ السطواتِ زرّتْ |
|
غلالتُه على عَضب يماني(٤) |
تمضمضُ عينُه بغرارِ نوم |
|
إذا امتلأت كرىً عينُ الجبان |
يهش إلى الوغى لم يَحْلُ عيشٌ |
|
لديه سوى الضرابِ أو الطعانِ |
تخال صليلَ قارعةِ المواضي |
|
ألذَّ لديه من نغمِ الأغاني |
ولفحةُ مارج الهيجاء أشهى |
|
إليه من ارتشان لُمى الغواني |
وخوضُ غمارِ معترك المنايا |
|
أحبُّ إليه من دَعَةِ الأماني |
لترتقبَ العدى مني نهاراً |
|
أُعرّفُهم بموقفِه مكاني(٥) |
ألثّمُ شمسَه بالنقع حتى |
|
أُلاقي تحتها مَلْقَ البطان |
فكيف بهم اذا رَعَدت عليهم |
|
سنابكُهُنَّ بالحربِ العوان |
عليها كلُّ أغلبَ مستشيطِ |
|
يغضُ على لواحظ أفعوان(٦) |
متى سمِعَ الصريخ ثنى ارتياحاً |
|
إليهِ عَطفَ مخمورِ الجَنان |
نكلْتُ عن العلى إن لم أثرها |
|
على الأعداء ساطعةَ الدخان |
فأروي مِن رقابهم حُسامي |
|
وأركزُ في حناجرهم سناني |
وأمزج من دمائهم مدامي |
|
وانصب فوق هامهم جفاني(٧) |
رمتهم بي يداً سلطانُ عدل |
|
تذل له جبابرةُ الزمان |
هو ابن العسكري فدتْه نفسي |
|
وباقي الخلقِ من قاصٍ وداني |
دَنَتْ أيامه طوبى لباقٍ |
|
إلى أيام دولته الدواني |
أقام وعزمُهُ للمجد ساعٍ |
|
وغضَّ وطرفُهُ للفتك راني |
تذكّرناه فارتحنا كأنا |
|
تساقيْنا معتقةَ الدنانِ(٨) |
يرنحنا للقياه اشتياق |
|
كما ثنتِ الصبا أغصان بانِ |
بودي أن نلاقي منه وجهاً |
|
وجوه العالمين له عواني |
محيّا تحسب القمرين فيه |
|
على عرنينه يتلاقيانِ |
إذا ليلُ الضلالة مدّ باعا |
|
ثناهُ من صباح هداهُ ثاني |
يبير بسيفهِ البتارِ من لم |
|
يَدِنْ لعلاه منقادَ العنان(٩) |
ويكسو المؤمنين ثياب عزّ |
|
يجدّدهنّ آناً بعدَ آنٍ |
يسير بهم بسيرة جدّه إذ |
|
حكاهُ في خلائِقِه الحسان |
فيا مَن حلّ في قلبي هواه |
|
محل الروح من جسد الجبان |
منْحتُكَ مذ حُييْتُ صفاء ودٍّ |
|
به نطق اللسان عن الجنان(١٠) |
فتلك سمات حبّكَ في ضميري |
|
وذي آياتُ شكرك في لساني |
وكم لكَ عندنا نعماءُ ضاقتْ |
|
عن استقصائها سعةُ المعاني |
فجلّت من امتداحك في مزايا |
|
كفى فيها العيانُ عن البيان |
ولو وَفّيْتُ قدركَ بامتداحي |
|
لسقتُ لمدحِكَ السبعَ المثاني |
ولكنّا نبثُّ إليك شكوى |
|
هموم لا تبارحنا ثواني(١١) |
وتستعدي عليها منك ليثاً |
|
نواظرنا لوثبته رواني |
فديناك أجْلُ غيهبَها بعزمٍ |
|
تهدّ بفتكهِ شمَّ الرعان(١٢) |
تحامَ فمنصبُ الشرفِ المعلي |
|
غدا كرةً تلاقفها الأداني |
وأدركْ أمةً هلكت ضياعاً |
|
فلان أميرها وأبو فلان |
الهوامش
* أرسل إلينا الأستاذ الفاضل عبد الرزاق الأعسم سبع قصائد مخطوطة لجده المرحوم الشاعر العلامة الشيخ عبد الحسين الأعسم كان قد أعدها ليطبع ديوانه الكامل. تشكر المجلة هذه المبادرة الكريمة.
(١) علقَ بنانه: مصَّ اصبَعه أو طرفه. المعارف: مفردها المعرفة وهي: موضع العُرف من الخيل أو الطير.
(٢) العرب تسمي الدية دما من باب تسمية المُسبب باسم السبب لأن الدم سبب الدية فمعنى أكلتَ دما أي أكلةَ ديةً، والعرب تأنف من أخذ الدية عن القتيل وتعدّ ذلك عيباً وعاراً ولا ترضى الا بالقصاص وأخذ الثأر فيعلقون مالا يريدون فعله على أكل الدية أي كما أني لا آكل الدية لا أفعل هذا.
(٣) طوّح به: أفناه واذهبه. وطاحَ: هلك. تشد على رأس الابريق (وغيره).
(٤) الغلالة: خرقة.
(٥) لترتقب: وردت في نسخة (و.ص.خ) ليرتقب.
(٦) مستشيط: مشتد الغضب. الافعوان: ذكر الأعفى.
(٧) الجفان: مفردها جفنة: وهي القصعة.
(٨) الدنان: مفردها: الدّن: وهو وعاء ضخم للخمر وغيره.
(٩) البتار: وردت في نسخة (ك.غ) الجبار.
(١٠) حييْت: وردت في نسخة (ي): ولدتُ. والجنان: القلب.
(١١) حواني: اما من العطف والحتية ١٠ وهي أطول الاضلاع سميت لذلك لاعوجاجها.
(١٢) الرعان: مفردها: الرعن وهو: أنف الجبل الشاخص البارز.