الردّ الساطع على ابن كاطع
أخطاء ابن كاطع في القرآن والتفسير والنحو
تأليف: الشيخ علي آل محسن
تقديم: مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المركز:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
بعد أن كثر الحديث عن المدعو أحمد إسماعيل كاطع وما جاء به من دعاوى وأكاذيب وصلت إلى أكثر من (٥٠) دعوى باطلة ما أنزل الله بها من سلطان رأى مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي عليه السلام ضرورة التصدّي لبيان زيف هذه الدعاوي والردّ عليها ليس من باب أنَّ ما جاء به أُمور علمية تعتمد الدليل العلمي والبرهان المنطقي فأنت لا تجد في طيّات دعاويه غير الزيف والتدليس والكذب والافتراء والانتقاء في الاعتماد على الروايات _ وهذه كتبه وكتب أصحابه خير شاهد على ما نقول _، بل من باب أنَّ الشبهة قد تجد لها مساحة في بعض النفوس الضعيفة أوّلاً فتحتاج إلى بعض التوضيحات وبلورة الأُصول والقيم وبيان الأُسس التي يعتمد عليها المنهج العلمي لدى السير البشري عموماً والطائفة بشكل خاصّ، مضافاً إلى إلقاء الحجَّة على المغترّ به والمتَّبع خطاه لئلَّا يقول أحد: (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى)(١).
لذا فإنَّ نشر هذا الكرّاس للردّ على ابن كاطع يعتبر حلقة من حلقات التصدّي لأهل البدع والزيغ، مضافاً إلى باقي أنشطة مركز الدراسات في ردّ الشبهات من خلال موقعه في النت وصفحات التواصل الاجتماعي وصحيفة صدى المهدي وغيرها.
نسأله تعالى الثبات على الحقّ (يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك).
مدير المركز
السيّد محمّد القبانچي
إنّا لو نظرنا إلى كتب أحمد إسماعيل كاطع المنسوبة إليه وبياناته وتسجيلاته فإنَّنا نجد فيها كثيراً من الأخطاء الفاضحة التي لا يقع فيها صغار طلبة العلم فضلاً عن إمام معصوم كما يدَّعيها لنفسه، وحيث إنَّ المقام طويل فإنّي سأقتصر على ذكر بعض الأمثلة، وهي عدَّة أنواع:
أخطاء أحمد إسماعيل في قراءة القرآن:
من يستمع إلى التسجيلات الصوتية لأحمد إسماعيل يجد أنَّه وقع في أخطاء فاضحة في قراءة بعض آيات القرآن الكريم، وهي كثيرة جدَّاً، ومن أهمّ خطاباته الصوتية المسجَّلة خطابه إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدَّسة، ومن المفترض أن يكون هذا الخطاب متقناً خالياً من الأخطاء؛ لأنَّه يزعم أنَّه إمام معصوم لا ينبغي أن يخطئ، ولأنَّه وجَّه كلامه لطلبة العلم الذين يُتوقَّع منهم أن يحاسبوه على كلّ هفوة في كلامه، إلَّا أنَّ كلامه مملوء بأخطاء كثيرة فاضحة في الآيات وغيرها، مع أنَّه يَظهر منه أنَّه لم يكن يتكلَّم ارتجالاً، وإنَّما كان يقرأ في ورقة.
* والمضحك أنَّه استفتح كلامه بأن أخطأ في قراءة قوله تعالى: (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) (الأعراف: ١٦٤)، حيث قرأ لفظ الجلالة مفخَّمة، ولم يُكسر نون تنوين (قَوْماً)، مع أنَّ الصحيح كسرها وترقيق لفظ الجلالة.
* وقرأ قوله سبحانه: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: ٦٩)، فأخطأ في كلمة: (سُبُلَنا)، فرفعها، فقال: (سُبُلُنا)، وهذا خطأ فاضح لا يقع فيه صغار طلبة العلم.
* وقرأ كلمة: (ضِيزى) من قوله تعالى: (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (النجم: ٢٢) بفتح الضاد، فقال: (ضَيْزَى)، مع أنَّها مكسورة الضاد.
وزعم بعض أنصار أحمد إسماعيل أنَّه إنَّما قرأها بهذا النحو على رواية أهل البيت عليهم السلام، فإنَّ من ضمن القراءات الواردة في هذه الكلمة أنَّها تُقرأ: (ضَيْزَى)، ولا يخفى أنَّ هذا الكلام تبرير بارد؛ لأنّا لم نجد في الروايات ما يدلُّ على أنَّ أهل البيت عليهم السلام كانوا يقرؤونها بهذا اللفظ، مضافاً إلى أنَّ أحمد إسماعيل لو كان يُحسِن قراءة القرآن لأمكن تصديق ذلك، ولكن مع كثرة أخطائه الفاضحة فإنَّ من يُصدِّق بهذا التبرير ساذج مغفَّل.
* وقرأ قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: ٢٦)، فأخطأ فيها ثلاثة أخطاء واضحة، فإنَّه قرأ: (اللَّهُمَّ) بالتفخيم مع أنَّ الصحيح قراءتها مرقَّقة لكسر لام (قُلِ). والخطأ الثاني: أنَّه جرَّ كلمة (مالِكَ) مع أنَّها منصوبة، والثالث: أنَّه قال: (وتنزَع) بفتح الزاي، مع أنَّها مكسورة.
* وقرأ قوله تعالى: (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: ١٦)، فأخطأ في كلمة: (لَأَقْعُدَنَّ)، فقال: (لأَقْعِدَنَّ)، بكسر العين مع أنَّها مضمومة، ثمّ أراد تصحيحها فأخطأ فيها أيضاً، فقال: (لأَقْعَدَنَّ) بفتح العين.
* وقرأ قوله تعالى: (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) (النمل: ٨٢)، فحذف الواو من كلمة (وَإِذا).
* وقرأ قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) (الأعراف: ٤)، فأخطأ في كلمة: (بَياتاً)، إذ قرأها: (بِياتاً) بكسر الباء مع أنَّها مفتوحة الباء.
* وقرأ قوله سبحانه: (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (الأعراف: ١٤)، فأخطأ في كلمة: (أَنْظِرْنِي)، فقرأها: (انظِرني) فجعل الهمزة همزة وصل مع أنَّها همزة قطع.
* وقرأ قوله سبحانه: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (الأعراف: ٩)، فقال: (يَظْلَمون) بفتح اللام مع أنَّه مكسورة.
* وقرأ قوله تعالى: (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (الأعراف: ١٢)، بتسكين آخر كلمة (تَسْجُدَ).
* وقرأ قوله تعالى: (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأعراف: ١٨)، فقرأ (مَذْؤُماً) مذموماً، وقرأ: (تَبِعَكَ) بفتح الباء، فقال: (تَبَعَكَ)، مع أنَّها مكسورة.
هذا كلّه في خطاب واحد، فما بالك بأخطائه في سائر خطاباته!
والمضحك أنَّ من تبجّحاته أنَّه قال في بعض كتبه: (وبهذا يكون اليماني: اسمه أحمد، ومن البصرة، وفي خدِّه الأيمن أثر، وفي بداية ظهوره يكون شابّاً، وفي رأسه حزاز، وأعلم الناس بالقرآن وبالتوراة والإنجيل بعد الأئمّة)(٢).
وورد في موقع أنصاره في الانترنت تحت عنوان: (الإمام أحمد الحسن عليه السلام يدعو العلماء إلى المناظرة وأهل كلّ كتاب بكتابهم)، ما يلي:
(قال السيّد أحمد الحسن عليه السلام: أنا أعلم مِن أهل التوراة بتوراتهم، وأعلم من أهل الإنجيل بإنجيلهم، وأعلم من أهل القرآن بقرآنهم).
فإذا كان أحمد إسماعيل لا يُحسن قراءة آيات القرآن بصورة صحيحة، لدرجة أنّا رأينا أنَّ قراءة كثير من صبيان المسلمين للقرآن أصحُّ من قراءته، فكيف يكون أعلم من جميع علماء المسلمين في علوم القرآن وفهم معانيه؟!
أخطاء أحمد إسماعيل في التفسير:
* ذكر أحمد إسماعيل في تفسير قوله تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة: ١٤٣)، أنَّ الأُمَّة الوسط (هم الأُمَّة المحمّدية الحقيقية، وهم الثلاث مائة الثلاث (كذا) عشر، والوسط هو الصراط المستقيم، وهو المهدي الأوّل؛ لأنَّه وسط بين الأئمّة والمهديّين، فالأُمَّة الوسط هم أتباع المهدي الأوّل وأنصار الإمام المهدي عليه السلام، وهم أيضاً خير أُمَّة أُخرجت للناس، بل وخير أئمّة)(٣).
فإنَّ كلامه متضارب جدَّاً؛ لأنَّه قال: (إنَّ الأُمَّة الوسط هم الثلاثمائة والثلاثة عشر)، ثمّ عدل عن كون هؤلاء هم الوسط، فقال: (والوسط هو المهدي الأوّل)، ومن المعلوم أنَّ الخبر عين المبتدأ، وهنا جعل الأُمَّة هي الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً، وجعل الخبر وهو الوسط: المهدي الأوّل، فكيف يُخبَر عن الجمع بمفرد مغاير له؟!
ثمّ عدل عمَّا قاله قبل سطرين، وقال: (إنَّ الأُمَّة الوسط هم أتباع المهدي الأوّل وأنصار الإمام المهدي عليه السلام)، ولا يخفى أنَّ الثلاثمائة والثلاثة عشر ليسوا أتباع المهدي الأوّل وهو أحمد إسماعيل، وإنَّما هم أنصار الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
ثمّ وصف أتباع المهدي الأوّل بأنَّهم خير أُمَّة وخير أئمّة، ومن المعلوم أنَّ أتباع المهدي الأوّل ليسوا بأئمّة، فانظر مقدار التضارب والهذيان في كلام له لا يتجاوز خمسة أسطر!
* وفي تفسير قوله تعالى: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلهِ قانِتِينَ) (البقرة: ٢٣٨)، قال:
(والصلاة هي الولاية، أي حافظوا على الولاية، والصلاة الوسطى أي الولاية بين الأئمّة والمهديّين، أي ولاية المهدي الأوّل في بداية ظهور الإمام المهدي عليه السلام؛ لأنَّ المهدي الأوّل من المهديّين، وأيضاً يُعَدُّ من الأئمّة كما في الروايات عنهم عليهم السلام التي تَعُدُّ الأئمّة من ولد علي وفاطمة عليهما السلام اثني عشر)(٤).
ولا يخفى أنَّ عطف الصلاة الوسطى على الصلوات _ وهو ما يُعبَّر عنه بذِكْر الخاصّ بعد العامّ _ إنَّما هو لبيان أهمّية الخاصّ، وولاية المهدي الأوّل _ وهو أحمد إسماعيل كما يزعم _ ليست أكثر أهمّية من ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وولاية باقي الأئمّة المعصومين عليهم السلام لتكون مخصوصة بالذكر دون ولاية باقي الأئمّة عليهم السلام!
والمهدي الأوّل ليست له ولاية خاصّة به في بداية ظهور الإمام المهدي عليه السلام؛ لأنَّه تابع للإمام المهدي عليه السلام ورعيّة له، فأيّ ولاية له؟ وإذا كانت له ولاية فإنَّها ستكون بعد وفاة الإمام المهدي عليه السلام وتولّي المهدي الأوّل مقاليد الإمامة، وولايته حينئذٍ لا خصوصية لها ليرد التأكيد عليها دون غيرها.
أضف إلى ذلك أنَّ الآية التي بعد هذه الآية، وهي قوله سبحانه: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (البقرة: ٢٣٩) يدلُّ على أنَّ المراد بالصلوات في الآية السابقة هي الصلوات المعروفة؛ لأنَّ ما يصحُّ أن يؤتى به رجالاً أو ركباناً في حال الخوف هو الصلاة لا الولاية كما هو واضح.
هذا مع أنَّ ما قاله أحمد إسماعيل مخالف لما دلَّت عليه الروايات الصحيحة المروية عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في تفسير هذه الآية.
منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: (وقال تعالى: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)، وهي صلاة الظهر، وهي أوّل صلاة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي وسط النهار، ووسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة وصلاة العصر)(٥).
ومنها: صحيحة أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (صلاة الوسطى: صلاة الظهر، وهي أوّل صلاة أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم)(٦).
وغيرهما من الروايات الدالّة على خلاف ما يقوله أحمد إسماعيل.
* وفي تفسير قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) (النساء: ١)، قال:
(خلق الله سبحانه وتعالى محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ خلق منه علياً، وفاطمة، نوراً ظاهره علي، وباطنه فاطمة، ثمّ خلق الخلق منهما)(٧).
وهو كلام يخالف ظاهر الآية المباركة؛ فإنَّ ظاهر الآية أنَّ ابتداء الخلق نفس واحدة، ثمّ خلق منها زوجها، وهو إشارة واضحة لآدم وحوّاء عليهما السلام، وهو معنى قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: ١٣).
وليس المراد أنَّ ابتداء الخلق كان من نفس واحدة، وهو نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي خُلِقَ منه عليٌّ وفاطمة عليهما السلام؛ لأنَّ الله تعالى قال: (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها)، وأمير المؤمنين والسيّدة فاطمة عليهما السلام ليسا زوجاً للنفس الأُولى!
ويظهر من قوله: (ثمّ خلق الخلق منهما) أنَّ الضمير فيه يعود على علي وفاطمة عليهما السلام؛ لأنَّه لو كان عائداً على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليهما السلام لقال: (ثمّ خلق الخلق منهم)، مع أنَّ ظاهر قوله تعالى: (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) أنَّ الله تعالى خلق من النفس الأُولى وزوجها رجالاً كثيراً ونساءً.
* وقال أحمد إسماعيل في تفسير قوله تعالى: (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) (النور: ٣٥):
(فالزيتون، والشجرة التي تخرج من طور سيناء، والتي تنبت بالدهن، والزيتونة اللاشرقية ولا غربية كلّها تشير إلى شخص واحد، هو المهدي الأوّل في زمن ظهور الإمام المهدي عليه السلام، فهو الزيتون في السورة التي نحن بصددها، وهو الشجرة التي تخرج من طور سيناء (أي النجف) كما روي عن أمير المؤمنين والصادق عليه السلام)(٨).
وهذا الكلام فيه عدَّة مجازفات، فإنَّ قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ * فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) (المؤمنون: ١٨ _ ٢٠)، واضح الدلالة على أنَّ الله تعالى أنزل ماءً من السماء، فخلق به جنّات فيها ثمار شتّى، وكذلك أنشأ به شجرة تخرج من طور سيناء، وهي شجرة حقيقية خلقها الله بماء المطر، يستفاد منها في الأكل، كما أنشأ الله سبحانه جنّات من نخيل وأعناب وفواكه كثيرة لهذا الغرض، ولهذا وصف الله تعالى شجرة طور سيناء بأنَّها تنبت بالدهن وصبغ للآكلين، وهذه الشجرة هي شجرة الزيتون المباركة كما ذكر ذلك المفسّرون.
قال الطبرسي قدس سره: ((تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) أي تَنبُت ثمرها بالدهن(٩)؛ لأنَّه يُعصَر من الزيتونِ الزيتُ، (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) والصبغ ما يُصطَبغ به من الأُدُم، وذلك أنَّ الخبز يلوَّن بالصبغ إذا غُمِسَ فيه، والاصطباغ بالزيت الغمس فيه للائتدام به، والمراد بالصبغ الزيت... عن ابن عبّاس)(١٠).
وأمَّا قوله تعالى: (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) فلا يراد به شجرة حقيقية معيَّنة؛ لأنَّ الله سبحانه ضرب هذا مَثَلاً، فقال: (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ).
وعليه، فكيف يمكن أن تكون هذه الشجرة التي يستفيد منها الناس في الأكل والزيت هي المهدي الأوّل؟! وكيف يكون المهدي الأوّل هو الشجرة التي ذكرها الله سبحانه في المثل الذي ضربه لنوره؟! وما خصوصية المهدي الأوّل من دون باقي الأئمّة الأطهار عليهم السلام لتكون له هذه الخصوصية؟!
هذا مع أنَّ أحمد إسماعيل خالف كلامه الذي قاله هنا في موضع آخر في تفسير هذه الآية، فقال:
((يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) شجرة في وسط الجنَّة هي شجرة علم محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، التي نهى الله آدم عليه السلام عن الأكل منها، (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ)؛ لأنَّها كلمات الله سبحانه، وهي القرآن، فهذا الزيت هو المدد الإلهي وهو القرآن)(١١).
فأيّ التفسيرين هو الصحيح يا أُولي الألباب؟
* وفي تفسير قوله تعالى: (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) (مريم: ٥٢)، وقوله: (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (القصص: ٣٠)، قال:
(الشجرة هي الشجرة المباركة في القرآن، وهي شجرة آل محمّد عليهم السلام، وفروعها الأئمّة والمهديّون...، والطور الأيمن، والوادي الأيمن هو اليماني (المهدي الأوّل من المهديّين)، والبقعة المباركة هو (كذا) الحسين عليه السلام، فالكلام من الطور الوادي الأيمن، أي اليماني (المهدي الأوّل)، والوادي الأيمن الطور الأيمن من البقعة المباركة أي من الحسين، فالمهدي الأوّل (اليماني) من ولد الحسين؛ لأنَّه من ذرّية الإمام المهدي عليه السلام، والبقعة المباركة من الشجرة (أي محمّد وعلي عليهما السلام)، فالحسين من محمّد وعلي عليهما السلام...).
إلى أن قال: (فمكلِّم موسى هو الله، ومكلِّم موسى هو محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو علي عليه السلام، ومكلِّم موسى هو المهدي الأوّل (اليماني))(١٢).
وهذا الكلام هذيان واضح.
أمَّا قوله: (الشجرة هي شجرة آل محمّد عليهم السلام، وفروعها الأئمّة والمهديّون)، فهو باطل؛ لأنَّ ظاهر الآية المباركة أنَّ الله تعالى نادى نبيّه موسى عليه السلام نداءً حقيقياً خلقه سبحانه وجعله منبعثاً من شجرة حقيقية، فأسمعه موسى عليه السلام، ولا معنى لمناداة موسى عليه السلام من شجرة آل محمّد عليهم السلام.
وقوله: (والطور الأيمن، والوادي الأيمن هو اليماني (المهدي الأوّل من المهديّين))، هذيان واضح؛ لأنَّ معنى الآية على هذا: أنَّ الله تعالى نادى موسى عليه السلام من جانب المهدي الأوّل، وهذا كلام لا يصدر من عاقل.
مع أنَّ الآية الثانية فيها تصريح بأنَّ النداء كان من شاطئ الوادي الأيمن، فلا ندري ما هو شاطئ أحمد إسماعيل الذي نودي منه موسى عليه السلام؟
وقوله: (والبقعة المباركة هو الحسين عليه السلام) يضحك الثكلى؛ لأنَّه على هذا يكون المهدي الأوّل هو الجانب الأيمن من الإمام الحسين عليه السلام، ويكون معنى الآية: أنَّ الله تعالى نادى موسى عليه السلام (من الشجرة) أي من شجرة آل محمّد عليهم السلام، لكن ليس من جميع الشجرة وإنَّما من الجانب الأيمن من (الطور) وهو المهدي الأوّل، (في البقعة المباركة) وهي الإمام الحسين عليه السلام، أي إنَّ المهدي الأوّل موجود في الإمام الحسين عليه السلام.
وهذا كما قلنا هذيان واضح لكلّ ذي عينين، وليس تفسيراً لآيات الكتاب العزيز.
وقوله: (والوادي الأيمن: الطور الأيمن من البقعة المباركة أي من الحسين، فالمهدي الأوّل (اليماني) من ولد الحسين)، مخالف لظاهر الآية، فإنَّه سبحانه قال: (مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ)، أي إنَّ الوادي الأيمن موجود في البقعة المباركة، لا من البقعة المباركة، حتَّى يُفسَّر بأنَّ المهدي الأوّل من الإمام الحسين عليه السلام.
ثمّ كيف يكون مكلِّم موسى هو محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، أو علي عليه السلام، أو المهدي الأوّل (اليماني)، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (النساء: ١٦٤)، مع أنَّ النداء هو: (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)، فهل يمكن أن يُنادى موسى عليه السلام بهذا النداء من قِبَل غير الله تعالى؟!
* ومن هذيان أحمد إسماعيل أيضاً ما ذكره في تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (هود: ٧)، حيث قال:
(العرش هو القرآن، والماء هو محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، نور الله سبحانه وتعالى، وهو يجري في السماوات والأرض وفي الخلق كما يجري الماء في الأنهار)(١٣).
فإنَّ معنى الآية هو أنَّ الله تعالى لمَّا خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام كان القرآن على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فلا ندري ما فائدة ذلك، وما أهمّيته؟!
ولو تتبَّعنا كلماته في تفسير آيات القرآن الكريم لرأينا فيها العجائب والغرائب التي لا يُصدِّق عاقل أنَّها صادرة من شخص يدَّعي الإمامة والمهدوية، ولكن فيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أخطاء أحمد إسماعيل اللغوية والنحوية:
وأمَّا أخطاؤه اللغوية والنحوية فحدِّث ولا حرج، فلا يكاد يخلو كتاب من كتبه أو بيان من بياناته أو تسجيل من تسجيلاته من أخطاء نحوية كثيرة فاضحة.
وكما قلنا فإنَّ من أهمّ خطاباته الصوتية المسجَّلة خطابه إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدَّسة، الذي ذكرنا آنفاً أخطاءه فيه في قراءة جملة من الآيات القرآنية، وأمَّا أخطاؤه اللغوية والنحوية الفاضحة في هذا الخطاب فلا تكاد تُحصر، مع أنَّ أحمد إسماعيل دأب على تسكين أواخر أكثر كلمات خطابه خوفاً من الفضيحة.
* ومن أخطائه النحوية قوله: (وأمَّا العترة فقد ذروتم حكمتهم اليمانية، ورواياتَهم الربّانية ذرو الريح للهشيم).
فنصب كلمة: (رواياتهم) بالفتحة مع أنَّها تُنصب بالكسرة.
* وقال: (تقولون: إنَّ رواياتَهم التي وصفوني بها ليست حِجَّة، ووصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأئمّة وبي وبالمهديّين ليست حِجَّة، ومعرفة القرآن وطرق السماوات ليست حِجَّة).
فنصب كلمة: (رواياتهم) بالفتحة مع أنَّها تُنصب بالكسرة، وقال: (حِجَّة) بكسر الحاء، وكرَّر ذلك ثلاث مرَّات مع أنَّها مضمومة الحاء، والفرق بين الحُجَّة والحِجَّة، أنَّ الحُجَّة هي ما يُستدلُّ به على الخصم، وهو المراد في كلامه، وأمَّا الحِجَّة فهي السَّنَة، كما قال تعالى: (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) (القصص: ٢٧)، أي ثماني سنوات، فانظر كيف تغيَّر المعنى بالكلّية، وأحمد إسماعيل لم يشعر بذلك!
* ومن أخطائه الفاضحة أنَّه قال: (والحقُّ أقول لكم: إنَّ في التوراة مكتوبْ: توكَّل عليَّ بكُلْ قلبَك، ولا تعتمد على فهمَك).
فرفع كلمة (الحقّ)، مع أنَّها منصوبة (بأقول) مقدَّرة، وسكَّن باء (مكتوب) من دون أن يُبدل تنوين النصب بألف، وسكَّن لام (كلّ)، ونصب (قلبك) مع أنَّها مجرورة بالإضافة، ونصب (فهمك) مع أنَّها مجرورة بـ (على).
* وقال: (من بيده ملكوت السماواتُ والأرض).
فرفع كلمة (السماوات) مع أنَّها مجرورة بالإضافة.
* وقال: (وهل كان أحد في زمن الإمام الصادق رأى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتَّى يقولْ الإمام الصادق عليه السلام: من أراد أن يرى رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرؤيا فليفعل كذا وكذا).
فإنَّه ذكر كلمة (رسول) في هذا المقطع مرَّتين، رفعها مرَّةً وجرَّها مرَّةً أُخرى، وكلاهما خطأ، والصحيح نصبهما بالفتحة؛ لأنَّ كلَّاً منهما مفعول به.
* وقال: (قال الإمام عليه السلام: إنَّ كلامنا في النوم مثلَ كلامنا في اليقظة).
فنصب كلمة (مثل)، مع أنَّ حقّها أن تُرفع؛ لأنَّها خبر (إنَّ).
* وقال: (ألم يقبل رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم إيمان خالد بن سعيد الأُموي؛ لأنَّه رأى رؤيا؟ ألم يقبل رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم إيمان يهودي رأى رؤيا بموسى بن عمران عليه السلام).
فجرَّ كلمة (رسول) مرَّتين مع أنَّ حقّهما الرفع؛ لأنَّ كلَّاً منهما فاعل مرفوع.
* ومن أخطائه الفاضحة أنَّه قال: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما أثقل الدنيا في كفَّةَ ميزانكم).
فنصب كلمة (كفَّة) مع أنَّها مجرورة بـ (في)، وعلامة جرّها الكسرة.
* وقال: (الحسينْ عليه السلام فداءَ عرش الله سبحانه وتعالى).
فنصب كلمة (فداء) مع أنَّها مرفوعة لأنَّها خبر.
* وقال: (وواجه الحسينْ عليه السلام العلماءْ غيرِ العاملين).
فجرَّ كلمة (غير) مع أنَّ حقَّها النصب؛ لأنَّها صفة للعلماء التي هي منصوبة.
* وقال: (وواجه الحسينْ في كربلاءْ الدنيا وزخرفِها).
فجرَّ كلمة (زخرفها) مع أنَّ حقَّها النصب؛ لأنَّها معطوفة على منصوب وهو (الدنيا).
* وقال: (وأيّ خصاصة كانت خصاصةِ العبّاس عليه السلام، وأيّ إيثار كان إيثارَه؟).
فجرَّ كلمة (خصاصة) وحقّها الرفع؛ لأنَّها اسم (كان)، كما أنَّه نصب كلمة (إيثاره)، وكان اللازم رفعها؛ لأنَّها اسم (كان).
* ومن أخطائه الفاضحة أنَّه قال: (ولقد انتصر الحسينْ عليه السلام وأصحابَه في هذه المواجهة).
فنصب كلمة (أصحابه)، مع أنَّ اللازم رفعها؛ لأنَّها معطوفة على مرفوع وهو (الحسين).
* ومن أخطائه أيضاً أنَّه قال: (وأمَّا الدنيا وزخرفِها فقد طلَّقها الحسينْ عليه السلام وأصحابَه عليهم السلام وساروا في ركب الحقيقة).
فإنَّه جرَّ كلمة (وزخرفها)، مع أنها معطوفة على مرفوع وهو (الدنيا)، ونصب كلمة (أصحابه) مع أنَّ حقَّها الرفع؛ لأنَّها معطوفة على مرفوع وهو (الحسين).
* وقال: (ميزان الشهادة التي شهدها الحسينْ عليه السلام وأصحابَه عليهم السلام بدمائهم).
فإنَّه نصب كلمة (أصحابه) مع أنَّ حقّها الرفع؛ لأنَّها معطوفة على مرفوع وهو (الحسين).
* ومن أخطائه الفاضحة أيضاً أنَّه قال: (إنَّ هؤلاءْ العلماءْ غيرِ العاملين الذين يؤيِّدون حرّية أمريكا وديموقراطيتِها، أحراراً؛ فلو كانوا عبيداً للهْ لاستَحُوا من الله).
فإنَّه جرَّ كلمة (غير) مع أنَّها منصوبة بالفتحة؛ لأنَّها صفة لمنصوب وهو (العلماء)، وجر كلمة (وديموقراطيتها)، مع أنَّ اللازم نصبها بالفتحة؛ لأنَّها معطوفة على منصوب وهو (حرّية)، ونصب كلمة (أحرار) مع أنَّ حقّها الرفع؛ لأنَّها خبر (إنَّ)، وقال: (لاستَحُوا)، والصحيح: (لاستَحْيَوا).
هذا قليل من أخطائه في خطاب واحد، مع أنّي تغافلت عمَّا التزم به أحمد إسماعيل من تسكين أواخر أكثر كلمات خطابه، وتركت النظر في باقي خطابه لأنّي سئمت من عَدِّ أخطائه، وخشيت أن يملَّ القارئ الكريم من ذكر جميع الأخطاء التي وقع فيها في هذا الخطاب.
ولو تتبَّعنا أخطاءه النحوية في كتبه وباقي خطاباته لطال بنا المقام، فلا تكاد تجد تسجيلاً صوتياً له خالياً من أخطاء لغوية ونحوية فاضحة في كلّ سطر يقرؤه، وكلّ من يعرف علم النحو ويستمع إلى كلامه يجزم بأنَّه رجل جاهل بقواعد اللغة العربية، فأيّ إمام معصوم هذا؟!
ومن العجائب تبرير أحد أنصاره وهو ناظم العقيلي، حيث قال:
(فهل يعقل يا حسن النجفي أنَّ السيّد أحمد الحسن لا يُميِّز حروف الجرّ، هل هي ناصبة للأسماء أم جارّة لها؟! فهذا الأمر لا يخفى على أدنى المستويات العلمية. وأحبّ أن أُخبرك بأنَّ السيّد أحمد الحسن لا يشقّ له غبار في علوم اللغة العربية، وهو أعرف بها منك ومن أسيادك، ولكنَّه لا يبالغ في التركيز على ذلك في كتاباته بقدر ما يركِّز على وضوح المعنى وقوَّة الحجَّة والبرهان، والأخطاء التي تشدَّقت بها لا تُغيِّر المعنى، وأغلبها من الترف اللغوي الذي يضرُّ أكثر ممَّا ينفع، وهو من الانهماك في اللغة الذي ورد النهي عنه من أهل البيت عليهم السلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى)(١٤).
ولا يخفى أنَّ هذا تبرير سخيف جدَّاً لا يصدر إلَّا من معاند مكابر؛ لأنّا لاحظنا أنَّ أحمد إسماعيل أخطأ فنصب المجرور بـ (في) و(على)، فقال: (في كفَّةَ ميزانكم)، وقال: (ولا تعتمد على فهمَك)، وهذا دليل على أنَّه دون أقلّ المستويات العلمية.
وقوله: (إنَّه لا يبالغ في التركيز على ذلك) شهادة من ناظم العقيلي بأنَّ إمامه ضعيف التركيز، ونحن لا نطلب منه المبالغة في التركيز، وإنَّما نطلب منه أدنى التفات، بحيث يرفع المرفوع، وينصب المنصوب، ويجرّ المجرور، لا أكثر من ذلك.
وزعمه أنَّ أخطاء أحمد إسماعيل لا تُغيِّر المعنى غير صحيح؛ لأنَّ من أخطائه المغيِّرة للمعنى قوله: (وأمَّا الدنيا وزخرفِها فقد طلَّقها الحسينْ عليه السلام وأصحابَه عليهم السلام) حيث نصب كلمة (أصحابَه) مع أنَّها مرفوعة؛ لأنَّها معطوفة على (الحسين)، وما يريد أن يقوله هو: (أنَّ الحسين عليه السلام وأصحابه طلَّقوا الدنيا)، ولكن لمَّا نصب أحمد إسماعيل كلمة (أصحابه) صار المعنى: (إنَّ الحسين طلَّق الدنيا وطلَّق أصحابه)، وهو معنى فاسد وغير مراد.
وزعم العقيلي أنَّ السيّد أحمد الحسن لا يشقُّ له غبار في علوم اللغة العربية من المكابرات السمجة التي لا تستحقُّ أن يُرَدُّ عليها.
* * *
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) إقبال الأعمال ١: ٥٠٥.
(٢) المتشابهات ٤: ٤٦.
(٣) المتشابهات ٤: ٧٢.
(٤) المتشابهات ٤: ٧٣.
(٥) تهذيب الأحكام ٢: ٢٤١/ ح (٩٥٤/٢٣).
(٦) معاني الأخبار: ٣٣١/ باب معنى الصلاة الوسطى/ ح ١.
(٧) المتشابهات ٤: ٣٦.
(٨) المتشابهات ٤: ٦٨.
(٩) أي مع الدهن، فثمرها فيه دهن.
(١٠) تفسير مجمع البيان ٧: ١٨٤.
(١١) المتشابهات ٢: ٤٩.
(١٢) المتشابهات ٤: ١٢٦.
(١٣) المتشابهات ٢: ٦٥.
(١٤) الردّ الأحسن في الدفاع عن أحمد الحسن: ٩؛ الجواب المنير عبر الأثير ٤ - ٦: ١٣٨.